صراع بين الحق والباطل!
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
كان البعض يعيب على إيران أنها لم تساند أذربيجان الشيعية في خلافها مع أرمينيا قبل حوالى عام. ونسي هؤلاء أنه خلال أزمة منطقة "الشرق الأوسط" بنوا مواقفهم على هواجس ومخاوف من التمدد المذهبي لإيران الشيعية، وأنها تهدد الأمن القومي العربي، وكأن هذا الأمن لا يتحقق إلاّ بسنيته، ويشيدون بأردوغان الذي ذهب إلى مساندة أذربيجان الشيعية، معتبرين أن موقفه شاهد على دعمه للإسلام ووقوفه مع دولة إسلامية بغض النظر عن مذهبها.
وهذه المغالطات سرعان ما تنكشف عندما نضعها تحت مبضع السياسة، فإذا لم تكن نظرتك كُلية في فهم الصراع، وتجعل من الدين نقطة ارتكاز فهمك دون أن تعير اهتماماً للمصالح السياسية والصراع السياسي في فهم طبيعة المواقف وأين ينبغي أن تقف، حينها يمكن أن تنطلي عليك مثل هذه الأضاليل.
الموقف وصراع القوى في العالم تحدده السياسة أولاً، باعتبارها علماً يدير مصالح الدول والشعوب، ويمكن أن يكون الدين قوة حشد روحية أو يغدو عامل كبح وتثبيط همم، وهذا يعود إلى طبيعة النظام السياسي للدولة، فالدول ذات المنحى الشعبوي، تكون بحاجة إلى الدين بمفهومه الثوري التعبوي، أما إذا كان النظام السياسي للدولة يخدم مصالح قلة مرتبطة بالناهب الدولي، فإنها في هذه الحالة تشجع على نسخة الدين وفق الطريقة الوهابية.
ولم تقف إيران مع أذربيجان بسبب طبيعة النظام الأذري الواقف مع المشروع الصهيوأمريكي. ولذا فإن السياسة والمصالح السياسية التي تحدد معاش الناس وتؤثر فيهم أهم من المغالطات الدينية أو توظيف الدين في وجهة غير وجهته الصحيحة بحيث يضع مصالح الناس في رأس أولوياته، وباعتبار الصراع صراعاً بين حق وباطل، ولذا عند فهم الصراع السياسي كن حذراً من المغالطات التي تأتي متدثرة تحت ستار الدين أو المذهب.
وهذه الواقعة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أكاذيب وأضاليل إعلام البترودولار والوعي الزائف الذي سعى إلى تكريسه في عقول الناس وقادهم مثل القطيع إلى أتون معارك ليست معاركهم!
ولعل التوتر الأخير بين أذربيجان وإيران (الشيعيتين) يؤكد أن الصراع بمجمله ليس مذهبياً، وإنما له أبعاد أخرى سياسية واقتصادية، بين قوى الهيمنة العالمية وعملائها المحليين من جهة، والشعوب المقهورة والمظلومة من جهة أخرى، صراع بين النهب العالمي والشعوب المنهوبة. وإذا أردنا أن نلخصه فهو صراع بين الحق والباطل. إنه صراع الشعوب مع ناهبيهم، من أجل التحرر من الاستعمار الجديد وعملائه المحليين.

أترك تعليقاً

التعليقات