ما بين الحرية والفوضى!!
 

سامي عطا

د . سامي عطا / لا ميديا -
لكل شيء في هذا الوجود جانبه الحسن، وفي الوقت نفسه جانبه السيئ, فليس هناك حُسن مطلق ولا قبح مطلق. خذ مثلاً العلمانية كنظام وأسلوب حياة، من محاسنها أنها تكرس مبادئ وقيماً إنسانية راقية، كالتسامح والتفاهم وتقدير حق الآخر في الاعتقاد والتفكير والرأي؛ لكنها في المقابل تمنح الأفراد تحت بند الحرية الفردية كثيرا من السلوكيات الشاذة التي تتعارض مع الفطرة الإنسانية السوية، كالمثلية وتمرد الأبناء على الآباء والتفكك الأسري، لا بل والتعدي على الكيان الأسري باعتباره لبنة أساسية في بناء المجتمعات السوية.
وعليه لا يمكن أن تؤسس نظاما اجتماعيا دون ضوابط, فلا علمانية بلا ضوابط، ولا حرية بلا قيود أو ضوابط, وعلى قاعدة فلسفية تقول إن حريتك تنتهي عند أعتاب حرية الآخرين, أي أن لك حرية اختيارك فيما تريد؛ لكن شريطة ألا تتعدى على حرية غيرك أو تسبب ضررا له.
ولذا من يعتقد أن هناك حرية مطلقة فهو واهم, والحرية بلا ضوابط ولا قيود قانونية تلجمها تصير فوضى. والحرية تتخلق داخل مجتمع ملموس وتتناسب معه. والحرية في ظل مجتمعات إنسانية متفاوتة في درجة تطورها تاريخياً ينبغي أن تكون أيضاً متمايزة, فلا حرية مطلقة تناسب وبالصيغة نفسها كل المجتمعات وعلـــى اختلافهـــــا وتفاوتهـــا التاريخي.
الحرية حق إنساني وناموس؛ لكن شريطة أن نأخذ بعين الاعتبار تفاوت المجتمعات التاريخي والاختلافات الثقافية. وعليه يكون الوعي بالحرية وعي بالضرورة, أي وعي بالقيود والضوابط القانونية. وهذه الضوابط تستمد من ثقافة مجتمع محدد.
ولذلك فإن مفهوم الحرية يتمايز في وعي الأفراد على اختلاف مجتمعاتهم وثقافاتهم, وعليه فإن تحسين أو تقبيح صيغة الحرية في مجتمع آخر معياره الأمثل يستند إلى اتفاقها أو اختلافها مع الفطرة الإنسانية السوية.

أترك تعليقاً

التعليقات