لعنة النفط والغاز
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -

المنطقة تعيش لعنة النفط والطاقة عموماً، فلا ينبغي أن تنشأ فيها أنظمة تجمع بين وفرة نفطية ومسؤولية في الحكم، لأن تطور اقتصادات دول العالم ونموها يستلزم حاجة متزايدة من الطاقة، ولا يمكن أن تلبى هذه الحاجة المتزايدة للطاقة إلاّ من خلال اقتصاد استهلاكي بذخي سفيه، ونمط حياة تعتمد فيه شعوب المنطقة كلياً على الطاقة في معاشهم، وبالتالي لا بد أن تظل شعوب المنطقة تعتمد في معاشها على إنتاج متزايد لمصادر الطاقة (نفطاً وغازاً)، والحيلولة دون قيام أنظمة حكم تتحلى بالمسؤولية تجاه هذه الثروات وتستنهض شعوبها وتوظف ثرواتها لإقامة اقتصاد يكون فيه العمل أساس النمو والتطور الاقتصادي.
وعليه فإن قوى النهب الدولي هي أنشأت أنظمة الحكم في المنطقة وصاغت نمط الإنتاج الاستهلاكي للحيلولة دون انقطاع توقف الطاقة ومن أجل ازدياد وتعاظم تدفقها. وهذا يتطلب أن تكون شعوب المنطقة مرتبطة بعلاقة طردية مع ازدياد حاجتها لشبكات الصرف الصحي (شعوب مجاري) تأكل وتتغوط، ولا تأكل مما تزرع وتنتج، ولا تعتمد على نفسها في معاشها وتوفير وسائل حماية نفسها، ناهيك عن الحيلولة دون أن تبلغ مرحلة تحقيق فائض في إنتاجية عملها تصدره إلى غيرها من البلاد الأخرى.
ولذا فإن مَنْ يختط مثل هذه التوجهات الاقتصادية في المنطقة يتم محاربته وحصاره وشن الحرب عليه مثلما تعاملوا مع مصر عبدالناصر في الأمس ويتعاملون مع سوريا وإيران اليوم، إذ إن توجهات الاعتماد على الذات واستنهاض الشعوب في هذه المنطقة أمر ترفضه قوى النهب الدولي (استعمار الأمس المباشر استعمار اليوم الاقتصادي) وعبر أدواته التي زرعها في الحكم ساعة رحيله، وجعل منها كيانات وظيفية تحقق له هذه الاستراتيجية، وربط هذه الكيانات بتبعية اقتصادية وحرص على أن يبقى قرارها السياسي مرتهناً.

أترك تعليقاً

التعليقات