جمهورية الفندق
 

عبد الحافظ معجب

عندما يتحدث رئيس جمهورية الفندق عن شروطه للقبول بخارطة الحل السياسي، وأنه لن يسلم السلطة إلا بانتخابات رئاسية، أحاول جاهداً أن أستكشف ماذا يتعاطى هذا المخبول (المدلوز)، وعن أية سلطة يتحدث.
كل الرؤساء والملوك الذين غادروا بلدانهم بفعل الغضب الشعبي والثورات المسلحة، اكتفوا بقضاء ما تبقى من حياتهم في بلدان المنفى، دون أن يفكر أحدهم في قتل شعبه رغبة بالعودة للسلطة أو الحكم، كما لم يفكر أحد من عشرات الرؤساء الهاربين أنه لازال رئيساً شرعياً، ويحلم بالعودة للكرسي مرة أخرى.
الرئيس التونسي زين العابدين بن علي غادر بلاده عقب ثورة الياسمين الى المملكة السعودية، ولم يفعل ما فعله الدنبوع، وقبله هرب الرئيس الأوغندي عيدي أمين الى مدينة جدة السعودية، وقضى فيها ما تبقى من عمره، ولم يفعل ما فعله الدنبوع، وكذلك الرئيس الليبيري تشارلز تايلور ترك السلطة وهرب الى نيجيريا، ولم يفعل ما فعله الدنبوع، بالرغم من تعرضه للاعتقال لاحقاً، وجرى نقله الى لاهاي، حيث باشرت المحكمة الدولية محاكمته، ذات الأمر حدث مع الرئيس البوليفي غونزاليس الذي استقال ولفلف أطماره هارباً الى الولايات المتحدة، خوفاً من غضب الثوار في بلاده، ولم يفعل ما فعله الدنبوع.
حتى الرئيس جان برتران غادر هايتي هارباً بعد أن قدم استقالته، خوفاً من نيران الثورة، وكانت جنوب أفريقيا محطته الأخيرة، وماعملش عملة الدنبوع.
وفي قيرغيزستان أجبر الثوار رئيس البلاد عسكر أكاييف على الفرار الى روسيا، واكتفى هناك بالاستمتاع بحياته دون أن يفعل ما فعله الدنبوع، ومن إيران والسودان هرب الشاه والنميري الى مصر، وماعملوش عملتك يا دنبوع.
كثيرة هي قصص وحكايا الملوك والرؤساء الذين كانوا (مذيكرين ومقطفين)، وتركوا السلطة وعاشوا حياتهم مكتفين بما فعلوه في السابق، إلا رئيس جمهورية الفندق الذي يقضي عامه الثاني في أحد الأجنحة الفندقية، تحيط به مجموعة من الغرف التي يقيم فيها نائبه ووزراؤه ومستشاروه الهاربون، بالإضافة الى شقة مفروشة في الجوار يقيم فيها مجموعة من المرتزقة المتحدثين في وسائل الإعلام وقنوات التلفزة.
يصحو الرئيس من نومه بعد الظهر كل يوم، ليبحث عن شورت السباحة، ويضع المنشفة على كتفه، متوجهاً الى مسبح الفندق، ليلتقي هناك بالجنرال العجوز، وهو يقدر مساحة المسبح باعتبارها أرضية مناسبة للبسط والنهب. وبعد انتهاء هادي من السباحة يسأل الجنرال الى أين وصل الجيش الوطني؟ ولكن لا جواب، لأن الجنرال منهمك بحسبة حجم الأرضية ومساحتها.
يطأطئ الرئيس رأسه، ويعود الى غرفته، ومنها الى مطعم الفندق الذي يكون قد أغلق أبوابه بعد نفاد وجبة الغداء وانتهاء الوقت المحدد لها، وبنبرة متذمر يصرخ الدنبوع في وجه عمال المطعم، ومافيش أحد يعبره، قد هم متعودين عليه كل يوم يصيح ويرجع يصدر قراراً جمهورياً يكلف فيه مبارك البحار بالتوجه فوراً الى مطعم الحضرمي الواقع في الشارع المجاور لجمهورية الفندق، والذي اعتاد هادي تناول (المندي) من عنده على الحساب.
ولأن فخامته (متعود) يرقد بعد الغداء، يدعو كل مساء الى اجتماع في (بهو) الفندق، يرص فيه المرتزقة والوزراء، ويعدهم بالطول والعرض، وبعد أن يتأكد أنهم موجودون جميعاً، ولم يفر أحد منهم الى صنعاء، بالذات المشكوك في أمرهم أنهم يتواصلون مع صالح أو مع أنصار الله، ينط هادي فوق اللابتوب والطابعة وهات يا قرارات وتعديلات وزارية يُعمل بها في الطابق الثالث من الفندق، وتنشر في المجلة الحائطية، ولا يلتزم بها حتى الطباخ الهندي الذي يرفض كل يوم عشرات القرارات التي تقضي بإضافة بعض الوجبات اليمنية الى قائمة الطعام المقررة يومياً في جمهورية الفندق.

أترك تعليقاً

التعليقات