بطل معركة الحجارة
 

عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب / لا ميديا

أُطلق على الانتفاضة الفلسطينية الأولــى تسميــة "انتفاضة الحجارة"، لأن الحجارة كانت سلاح الهجوم والدفاع الذي استخدمه المقاومون الأبطال ضد عناصر جيش العدو الصهيوني، وأطلق العالم على المقاومين الصغار من رماة الحجارة "أطفال الحجارة"، وكان هذا سلاحهم الفتاك في وجه آلة القتل الصهيونية.
وفي اليمن بمحافظة البيضاء، وتحديداً بجبهة "ناطع"، عرف العالم أجمع "معركة الحجارة"، ففي إحدى زياراتي للشقيقة العربية السورية كنت على متن سيارة "تاكسي" سألني سائق السيارة: من أين أنت؟ وفور إجابتي بأنني من اليمن رد عليّ بالقول: أنت من بلد أبطال الحجارة؟! لحظتها لم يذهلني قوله، لأني أدرك معاني البطولة التي حققها المجاهد البطل عيسى العكدة "أبو قاصف" في جبهة ناطع، عندما واجه عشرات المرتزقة بالحجارة وانتصر عليهم، وانتشر ما وثقته عدسة الإعلام الحربي في شتى بقاع الأرض مع تطور التكنولوجيا وسرعة تداول الفيديوهات حول العالم.
وعندما أبلغني أحد قيادات الجيش باستشهاد البطل "أبو قاصف" لم أتفاجأ أن هذا البطل عاد للجبهة ذاتها مرة أخرى بعد أن نال وسام الشجاعة من رئيس الجمهورية وتخلى عن رتبته وما ناله من شهرة وتكريم من قيادة الجيش على ما قدم، ليعود إلى الجبهة باحثاً عن وسام الشرف الحقيقي المتمثل بالشهادة في سبيل الوطن والدفاع عنه أمام المرتزقة من الأوغاد الذين يتربصون باليمن وأبنائه في كل جبهات القتال.
البطلان أبـــــو إسلام الرازحي وأبو قاصف عيسى علي عبدالله الكعدة، ومن خلال ما وثقته عدسة الإعلام الحربي، خلفا لليمنيين ملحمة بطولية لن ينساها التاريخ ولا الأجيال المتعاقبة، عندما تصدى المجاهدان لصد زحف قوى العدوان ومرتزقتهم بالحجارة، بعد أن تمت إصابة البندقية الخاصة 
بالمجاهد الرازحي وعدم انفجار القنبلتين اللتين كانتا بحوزة المجاهد "أبو قاصف"، ما دفع الأخير إلى استخدام "الحجارة" لمواجهة المرتزقة وصد زحفهم عقب استشهاد المجاهد البطل "أبو إسلام الرازحي" الذي نكل بالمرتزقة وهزمهم شر هزيمة قبل أن  يرتقي شهيداً في سبيل الدفاع عن الوطن وسيادته وكرامة مواطنيه.
حينها وجد المجاهد "أبو قاصف" نفسه وحيداً وسط معركة تقاتل فيها يد الله معه، ما دفعه بإلهام إلهي لالتقاط الحجارة والقتال بها قبل الذهاب لأخذ بندقية الشهيد الرازحي والتي كانت لا تعمل قبل أن يصل إلى بندقية أحد صرعى المرتزقة الأعداء ومواجهتهم بها، وأول ما قام به هو توجيه نيران الغضب والثأر صوب المرتزق الذي قتل رفيقه في "معركة الحجارة" الشهيد "أبو إسلام الرازحي"، فأرداه قتيلاً ومضى يواجه ببسالة واستبسال من تبقى من مرتزقة العدوان حتى حسمت السماء المعركة لصالح "بطل الحجارة".
انتهت المعركة بإصابة البطل "أبو قاصف" ونقل إلى مسقط رأسه بمحافظة ذمار لتلقي العلاج قبل أن ينتقل إلى العاصمة صنعاء لحصد التكريم الوطني والدروع والجوائز لما سجله من بطولة عظيمة.
لم يأبه المجاهد أبو قاصف للتكريم والدروع والرتبة والترقية العسكرية، وترك كل شيء وراء ظهره حاملاً بندقيته ليعود مرة أخرى لذات الجبهة لينكل بالغزاة والمرتزقة ويسجل بطولات جديدة بحماسة كبيرة ومعنويات عالية، حتى لقي ربه شهيداً مجاهداً بطلاً يدافع عن بلاده ضد الغزاة.

أترك تعليقاً

التعليقات