شكراً قطر
 

عبد الحافظ معجب

لم تعمِّر قطر بلادنا بعد الحرب والدمار، ولم تقف قطر ضد العدوان كما فعلت سلطنة عُمان، ولم ترفض قطر إرسال جنودها إلى اليمن، ولم تحترم قطر دماء اليمنيين، ولم نسلم منها في الحرب النفسية والإعلامية، وعلى مدى عامين ونصف من العدوان، كانت شريكاً أساسياً في القتل والتدمير، وجزءاً لا يتجزأ من العدوان الظالم على اليمن، وكانت داعماً وممولاً للفوضى وجماعات العنف والتكفير، مثلها مثل شقيقتها الوهابية مملكة بني سعود.
اختلفت الشقيقة الكبرى مع شقيقتها الصغرى على دعم الجماعات الإرهابية والتبعية الخاصة لهذه الجماعات كل واحدة (تشتي) تقع وكيلاً حصرياً للإرهاب، وترفض منافسة الثانية.
وما يدعو اليوم لشكر قطر هو أن أزمتها والعدوان السعودي عليها قدمت الكثير من الخدمات لليمن واليمنيين دون أي تنسيق أو سابق موعد.
أياً كانت أسباب الصراع السعودي القطري، وأياً كان البادئ فيه، إلا أن النتائج إلى الآن في صالح الشعب اليمني.
فالمكسب الأول هو انكشاف زيف ووهم التحالف (الهش) الذي سرعان ما تداعى وانفرط مثل المسبحة بعد أن انفضح أمر التحالف، وعرف كل (الغشمان) أن التحالف هو السعودية والسعودية هي التحالف، وإلا كيف بمجرد اختلاف السعودية مع قطر قررت المملكة أن تفصل قطر من تحالفها؟ وأين موقف بقية أعضاء التحالف؟
وفي إطار المكسب الأول أيضاً أنه بمجرد إعلان الرياض مقاطعتها للدوحة (تقافز) كل أتباع المملكة وعملوا بحق (الكبسة) سعما تقولوا العيش والملح، وأعلنوا المقاطعة والذهاب كالقطيع وراء ملك (الزهايمر) وابنه (المهفوف).
المكسب الثاني هي الفضائح (الموثقة) بين الدولتين اللتين استخدمتا منصاتهما الإعلامية للتراشق، وكل واحدة خرجت (عيوب) الثانية التي كنا نعرفها جميعاً، ولكنها أصبحت فضائح (بجلاجل) بعد أن عملت كل واحدة منهما على إخفاء عيوب أختها، وعلى الأقل أدركت الشعوب في قطر والسعودية حقيقة حكامها وعلاقتهم بالإرهاب ودعمهم للجماعات التكفيرية المسلحة ومدها بالمال والسلاح من ثروات المواطن البسيط وقوت يومه وقيمة النفط الذي يفترض أنه يعود عليهم بالعيش الرغيد بدلاً عن إنفاق هذه الأموال الطائلة لقتل الأبرياء والمدنيين في سوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر ودول أوروبا.
المكسب الثالث هو انعكاس الصراع السياسي بين السعودية وقطر على أتباعهم في الداخل اليمني، حيث بدت واضحة حالة العداء بين الجماعات الممولة من هاتين الدولتين، ووصل الانقسام إلى (جمهورية الفندق) التي أيدت في بياناتها خطوات الرياض، فيما تتناحر داخل غرف الفندق على الأموال التي كانت تصلهم من الدوحة، ووصل الأمر إلى أن عدداً من قيادات الجمهورية الفندقية انكفأت على نفسها داخل الغرف، ورفضت الظهور على وسائل الإعلام حتى لا تحرج ممولتها قطر.
أما قيادات الإخوان المسلمين المقيمين في فنادق الرياض ساع الزوجة التي يتضارب زوجها وأهلها، وهي (حانب) لا قادرة تقف مع الزوج وتخسر الأهل، ولا قادرة تقف مع الأهل وتخسر الزوج.
المكسب الرابع تشتيت جهد الأبواق الإعلامية المحلية (مرتزقة الإعلام) من القنوات الممولة قطرياً والأخرى الممولة سعودياً، ومنذ اللحظة الأولى تمترس كل طرف خلف من يموله، وبدأ إعلام الإخوان بكشف عورات هادي وأتباعه، وفتح ملفات فسادهم وفشلهم في الجبهات، وعدم استطاعتهم إحراز أي تقدم يذكر، فيما يعمل إعلام السعودية المتحدث باسم (الدنبوع) على فضح (خساسة) الإخوان والمتاجرة بالجبهات، وارتباطهم بأعمال التقطع والسلب والنهب وجرائم الفصائل المسلحة التي تخدم المشروع القطري في المحافظات اليمنية.
المكسب الخامس تمثل بانعكاس الحرب النفسية والإعلامية التي كانت تعمل منذ بداية العدوان على اليمن كجبهة واحدة تقصف أدمغة اليمنيين وتهز ثقتهم ببعض، وتبث سموم الفرقة والخلاف في ما بينهم، وتقلل من انتصارات الجيش واللجان الشعبية.. انعكست هذه الحرب على مموليها، حيث انشغلت الدولتان بصراعهما، وحولت الماكينة الإعلامية القطرية حربها على الرياض، كما حولت ماكينة الرياض الإعلامية سهامها إلى قطر، وشغلهم صراعهم بأنفسهم، حتى اختفى الخبر اليمني من نشراتهم وبرامجهم، ورد الله كيدهم في نحورهم، والشعب اليمني (مكيف) وهو يتابع قناة (العربية) تبكر من صبح رب العالمين لا آخر الليل تلاعن الدواعش القطريين، وقناة (الجزيرة) عاملة نفسها ميتة ومشغولة في كل أخبارها وبرامجها بالدفاع عن قطر وملاعنة الدواعش السعوديين، ويا ما أحسن الحرب عند المتفرجين.
إلى جانب هذه المكاسب، هناك أمر مهم جداً عززته الأزمة القطرية لدى كل شعوب العالم، ومن حقنا نفتخر (نفشر) فيه، هو عظمة الشعب اليمني بصموده الأسطوري للعام الثالث على التوالي، ولم ننكسر أو نضعف بعكس ما حدث مع دويلة قطر التي انهارت بعد يومين من الحصار قبل أن تقرح حتى طلقة واحدة، وراحت تلهث وتستجدي إيران لإدخال المواد الغذائية، وتركض وراء التدخل العسكري التركي، في الوقت الذي يرى فيه العالم الشعب اليمني شامخاً صامداً لم يستجدِ أحداً، ولم يدعُ أحداً للتدخل، وفي عامه الثالث من الحرب والحصار يصنع الصواريخ ويضرب عواصم العدوان، وبعد تدمير كل دفاعاته الجوية يعيد منظومة الدفاع إلى العمل، ويستهدف طائرات العدوان فوق العاصمة صنعاء، ولا زال يمد بالمال والسلاح عشرات الجبهات الداخلية والخارجية.

أترك تعليقاً

التعليقات