جامعة القبح العربي
 

عبد الحافظ معجب

(غلط يا ناس تصحوني وأنا نايم) هذا هو لسان حال الجامعة اللي مش عربية خالص، اللي استفاقت أخيراً لتبحث موضوع اليمن.
الجامعة التي حفل تاريخها الطويل بالفشل في كل ما واجه العرب من أزمات، عقدت اجتماعاً تشاورياً على مستوى المندوبين الدائمين، لتبحث الأوضاع السياسية والإنسانية اليمنية (حزقوا ومافيش داعي تفطسوا ضحك).
كل ما في الحكاية أن العدوان أراد حشداً وهمياً لا يساوي في سوق السياسة صفراً، في هذا الحشد كان الدور الأبرز للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، وكعادته كرر الكلام الخليجي بلكنة مصرية، فتباكى على خطورة الأوضاع التي يمرُّ بها اليمن، الذي يواجه الملايين من أبنائه أزماتٍ متعددة، أمنية وصحية وغذائية وإنسانية، حسب عبارة أبو الغيط الذي لم يشر ولو بطرف خفي إلى الحصار الخانق والغارات التي ارتكبت المجازر الجماعية بحق الأبرياء المدنيين.
أبو الغيط القارئ الممتَهن في فنجان السياسة توقع أن يُعاني الشعب اليمني من آثار هذه الأزمات لفترة طويلة قادمة.
أمين عام الجامعة المستقيلة من مهامها ومبعوث دبلوماسية كامب ديفيد إلى إسرائيل، تفتق ذهنه عن أن الأطراف التي تؤجج الصراع، وتُصر على استمرار الوضع الانقلابي، هي التي تتحمل المسؤولية فعلياً عن معاناة الشعبِ اليمني، وليس الحصار وأطنان المتفجرات المحرمة دولياً التي ألقتها آلة القتل السعودية على اليمن طمعاً بخيراته وتهديماً لكيانه خدمة لمصالح أسرة مصابة بعفن الوهابية التكفيرية القاتلة.
الأمين العام الممول سعودياً دعا إلى عودة (الدنبوع) من فنادق الرياض إلى أية بقعة من أرض اليمن، متوهماً أن ما لم تحققه آلة القتل السعودية الأمريكية الإسرائيلية يمكن أن تحققه (عنتريات) أحمد أبو الغيط الذي لا يملك هو أو جامعته (المريضة) و(المعلولة) سوى العويل بالصوت السعودي الإسرائيلي.
أما النجم الثاني في الحشد فهو الدانق الأممي ولد الشيخ الذي كعادته لم يخيب ظن المتابعين، فواصل انحداره السياسي والأخلاقي، وكأنه مصر على أن يدون اسمه بأحرف العار في كتاب الخِسة السياسية.
أمام المندوبين الدائمين لأنظمة متهالكة لدى جامعة أبو الغيط سفير النوايا العربية الحسنة إلى إسرائيل، لم يجد (الولد) الشيخ ما يتحدث عنه في اليمن سوى ميناء الحديدة، فهو جوهر المشكلة ومفتاح الحل بنظره الأعشى، وذلك ليس إلا لأن أسياده عجزوا بالقوة عن اختراقه، فأراد بالحيلة أن يصل إليه.
الرواتب التي انقطعت بسبب رعونة هادي وانصياعه لأوامر أسياده، وبسبب الاختلاسات والسرقات، وبسبب التواطؤ الإقليمي والدولي، يريد ولد الشيخ أن يدفعها من عائدات ميناء الحديدة.. هذه الرواتب هي نفسها التي استمرت الحكومة الثورية في صنعاء بدفعها لأشهر طويلة رغم العدوان، ولم تقف إلا عندما أقر أسياد ولد الشيخ أنهم فشلوا عسكرياً، ويريدون الانتقام من الشعب الذي أذلهم في الجبهات، بقطع لقمة العيش عن أطفاله.
إذن، هي المساومة: قطع الرواتب مقابل الحديدة، وهذه هي بالضبط مهمة المبعوث إلى اليمن، الترويج للعدوان وإسناده، والتغطية على فشله.
ولد الشيخ اعتبر أن تسليم الحديدة لقوة محايدة يمثل بداية لبناء الثقة، هذا الثقة التي صدع رؤوسنا سابقاً حول بنائها عبر الأسرى حيناً، والممرات الآمنة أحياناً، وكل ما تطلبه منه أجهزة العدوان، هذه الثقة تفترض أن أحداً ما في هذا العالم لم يتورط في العدوان على اليمن حتى الآن.
ولم ينسَ المبعوث أن يكرر نفس إسطوانته المشروخة حول الحالة الإنسانية في اليمن التي باتت مروعة بسبب الحرب والجوع وتفشي وباء الكوليرا، مطالباً كل الأطراف والقوى اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظماتها من أجل التخفيف من معاناة اليمنيين، وكعادته نسي أو تناسى أنه أحد المتورطين حتى النخاع في مأساة الشعب اليمني، ولعنة الله على قاتل يمشي بالجنازة ويعزي أسرة المرحوم ويوهمهم أنه يواسيهم وهو سبب مآسيهم.
هاااا نسيت أقلكم إن الله قد عوض شعب فلسطين بدل جامعة الخزي والعار، بشعب اليمن الذي يخرج من بين ركام القصف والدمار، ليصرخ متضامناً مع المسجد الأقصى، وسط صمت وخذلان العرب وجامعتهم العبرية.

أترك تعليقاً

التعليقات