مشاهد مأساوية من جريمة حي الهنود
 

عبد الحافظ معجب

مرة أخرى يرتكب العدوان السعودي مجزرة بشعة في حي شعبي يكتظ بالسكان وسط مدينة الحب والفل، ليحصد أرواح الأبرياء الذين تم انتشال جثثهم من تحت أنقاض المنازل المدمرة.
وأمام التبريرات الواهية والادعاءات الزائفة لأبواق العدوان وأدواته، تبرز الكثير من القصص الموجعة للضحايا، وقبل الدخول في تفاصيل بعض من هذه القصص، لا بد من الإشارة إلى أن (الحمير) المحلية هي من سارعت للتبرير قبل أن يتحدث (البغل) الأسمر الناطق باسم العدوان أفيخاي عسيري.
بغال الإصلاح المؤيدة للعدوان تقافزت إلى صفحات (الفيسبوك) لحبك القصص وتأليف الأحجيات السمجة، والتي لا تشبه في سماجتها إلا إخوان سلمان المتأمركين المتصهينين البائعين بغير زلط ولا بقش بلوشي بحق الفندق وكرى الطريق من جدة للرياض.
عبد الله صعتر، وهو من فصيل البغال صاحبة (الدقون البيضاء) التي لن نظلم (التيس) بتشبيهها به، خرج للنهيق عبر قناة (امشيخ)، مدعياً أن التحالف جل جلاله لا يخطئ، وإن كان هناك أخطاء والعياذ بالله ونستغفر الله مما نقول، سيشكلون لجنة للتحقيق!
أما كتائب الكائنات الفيسبوكية المختبئة خلف الأسماء المستعارة، فلقد لجأت إلى الرواية المكررة والأسطوانة المشروخة التي نسمعها في كل مجزرة يرتكبها سيدهم السعودي، وهي أن القصف كان بصواريخ أرض أرض أطلقها الجيش واللجان الشعبية، شكلهم مش ناويين خالص أنهم يرحمونا بروايات جديدة، وأقصد هنا (زغمة) التافهين المبررين.
المهم علشان ما أطولش عليكم بحقهم السخافات المعروفة، تعالوا معي إلى حي سوق الهنود، وعلى الطريق شنندي لكم عقد فل تهامي من أجل ما نشم رائحة الموت، وتبقى رائحة الحياة والصمود أقوى.
في أحد البيوت التي تتوسط الحي اجتمعت نسوة لأداء واجب العزاء في وفاة أحد أفراد العائلة، قبل أن يصل صاروخ العدوان وينشر رائحة الموت في كل أرجاء الحي، وتتحول المدينة بأكملها إلى ساحة عزاء ومواساة بهذا المصاب الجلل الذي خطف النساء والأطفال.
وعلى بعد أمتار قليلة من بيت العزاء، كانت أسرة أخرى تستعد للاحتفال بزواج أحد أبنائها، وتقول إحدى فتيات الأسرة إنها وضعت النقش (الخضاب) على يديها استعداداً للاحتفال بزواج خالها بعد يومين، ولكن فرق الإنقاذ أخرجتها من تحت الأنقاض بعد أن محت (الخضاب) جراح وشظايا الغارة، وبصوت مدوٍّ صرخت الفتاة متسائلة عن الذنب الذي ارتكبوه حتى تسقط مملكة (بول البعير) البيت على رؤوسهم، ويغادر الحياة عدد من أفراد الأسرة قبل الاحتفال بالزواج الذي تحول بلحظة إلى حزن ومأتم، وصارت بطاقات الدعوة للعرس دعوات لحضور مجلس عزاء لا أحد يدري هل سينجو من همجية المجرمين.
في ذات الحي كان (محمدوه) الشاب الثلاثيني، والذي يعمل في مؤسسة الموانئ، عائداً من عاصمة الصمود صنعاء التحدي، بعد أن قضى مع عائلته فيها إجازة عيد الأضحى، وبعد ساعات قليلة من وصوله اصطحب اثنين من أطفاله للخروج لشراء وجبة عشاء أخيرة في حياته، غير أن ثلاثتهم عادوا أشلاء بعد أن أغارت مقاتلات بول البعير على الحي بكل ما فيه.
وإلى جوار أشلاء (محمدوه) كان يركض شاب آخر يتفحص الأشلاء عله يتعرف على والدته التي لم يتمكن من التعرف عليها بعد أن خرجت من تحت الركام، كما أنه لم يستطع بصوته المتحشرج بالغصة والوجع، أن يلفت انتباه من تبقى من حقراء العدوان الذين لا يزالون يبررون القتل دون أن يجبرهم أحد على التبرير.
حتى ذلك الأب الذي كان يسابق الزمن وهو يركض في أروقة المستشفى حاملاً طفله بين يديه طمعاً في إنقاذه، لم يثر حفيظة المؤيدين للعدوان وهم يتمتمون على استحياء وخجل: لاحول ولا قوة إلا بالله، حسبنا الله ونعم الوكيل. الله يعرف قبحكم، ولا يحتاج مغالطاتكم، ولا تنطلي عليه ادعاءاتكم أيها السفلة المبررون.
احتفظوا بعقد الفل الذي منحتكم إياه قبل أن أسرد هذه الأوجاع، لأن رائحة الموت التي انتشرت في أرجاء الحي سرعان ما غطت عليها رائحة الحب عندما هرع عشرات المستضعفين من شباب الحديدة ورجالها الأبطال إلى المستشفيات للتبرع بالدم للضحايا، وهم يتهامسون في ما بينهم الحب للمدينة وأهلها، والرد في جبهات الحدود.

أترك تعليقاً

التعليقات