يا فرحة ما تمت
 

عبد الحافظ معجب

كنا فرحانين و(مقشننين) بعد أن وجهت نيابة الأموال العامة بحبس مدير شركة النفط بمحافظة الحديدة على خلفية قضايا فساد ونهب المليارات، ولكن فرحتنا لم تدم طويلاً، لأن الناس كانوا متوقعين استدعاء وزير النفط وعدد من الوزراء والفاسدين بحكومة (الإنقاذ) لمحاكمتهم.
وكنا نتشوق لمشاهدة (المشانق) في ميدان التحرير، وعليها تتدلى أعناق الفاسدين الذين نهبوا البلد وثرواته، بعد أن يصدر القضاء بحقهم أحكاماً بالإعدام تعزيراً.
غير أن الواقع المؤسف كان مختلفاً عن الأمنيات بشكل كبير جداً، ففي الوقت الذي انتظرنا فيه استجواب و(لفلفة) الفاسدين، رأينا قرارات جمهورية جديدة بتعيين فاسدين جدد في مناصب حكومية، في وقت كان يفترض أن يكونوا فيه بالسجن (بيت خالهم).
مسكين مدير شركة النفط المحبوس لحاله، لازم نخفف عليه من وطأة السجن بإرسال المئات من رفاقه الفاسدين الى جواره (يستأنسوا)، وبالذات المدير العام التنفيذي لشركة النفط الذي داوم بمنصبه الجديد في أول يوم كان يفترض فيه المثول أمام القضاء على خلفية قضايا الفساد المتورط فيها منذ توليه مهام القائم بأعمال مدير شؤون الغاز بوزارة النفط.
وزير النفط يرشح الفاسدين، ورئاسة المجلس السياسي الأعلى (تصنج) القرارات، لكن عشان ما نظلمهم يمكن هم قرروا يسلموه هذا المنصب لأجل (يضبطوه) متلبساً هذه المرة.
الفساد ينخر مؤسسات الدولة من زمان، وفرحنا واستبشرنا بضبط فاسد واحد، قام (مقصوفو العمر) بإرسال ترشيحات بفاسدين جدد، وصاحبنا (الصماد) ما قصر وعيَّنهم، يعني يخرج فاسد واحد من مؤسسات الدولة ويدخل بدله عشرة، هذا وإحنا حانبين بآلاف الفاسدين في مختلف المرافق الحكومية، وإذا ما واجهناهم الآن، ما اعتقدش أنه نلاقي فرصة مناسبة مثل هذه الفترة وهذه الظروف.
اليمن ليس بلداً فقيراً كما يتصور البعض، ولدينا كثير من الموارد، لكن وضعنا مثل الذي ببطنه (ديدان) ويأكل كل ما لذ وطاب، وما يظهر ولا (يبان) بجسمه شيء، كل ما يأكله تتلقفه (الديدان)، وإحنا معنا (ديدان وحنشان وطواهيش وحيتان) تتلقف كل شيء.
الفساد في الدولة ليس مقتصراً على المدراء ونوابهم ورؤساء القطاعات والمؤسسات فقط، بل هو موجود في أعلى الهرم الوظيفي، ويتم تصديره من وزراء حكومة الإنقاذ الى بقية المؤسسات والمرافق الحكومية.
هناك العديد من التجاوزات والمخالفات لوزراء (الإنقاذ)، ومنهم وزير الصحة الذي يعمل ليل نهار على إقصاء كل الكوادر في الوزارة، وحوَّل الوزارة إلى (شركة تجارية خاصة)، واستخدمها (دكانة) للربح والاستفادة من عمل المنظمات الدولية وعقد الصفقات المشبوهة معهم والمتاجرة بحياة اليمنيين وأوجاعهم ومعاناتهم.
هناك وزراء فاسدون ووزراء راقدون، والشعب يواجه العدوان والحصار الى جانب تحمله لفساد الفاسدين ولامبالاة الراقدين. تخيلوا أن وزير التربية والتعليم لم يقم بأي تغييرات بوزارته ومكاتبها بالمحافظات التي ينخرها الفاسدون منذ عشرات السنين، أما وزراء النفط والاتصالات والمالية محد داري مع من يشتغلوا؟ وكأنهم بحكومة دولة ثانية غير اليمن!
هذا كله كوم، وأصحاب السوق السوداء كوم لحالهم، وعلى الرغم من ذلك لن نيأس، وأمنياتنا لن تنتهي، وسنعمل جميعاً على تعرية الفاسدين ومن يتستر عليهم، بانتظار ضبطهم ومحاكمتهم وتخليص البلد من عفنهم وقذارتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات