يمن ما بعد العدوان
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

الدرس الوحيد الذي يمكن أن يُستخلص من التحركات الدولية والإقليمية الأخيرة لإحلال السلام في اليمن، هو أن العالم لا يعترف إلا بلغة القوة، وأن أهم العوامل لبناء العلاقات بين الدول هي المصالح وتوازن القوة والنفوذ.
لم أتفاجأ كثيراً عندما سمعت حديث «المهفوف» محمد بن سلمان في لقائه الأخير مع احدى القنوات التلفزيونية الأمريكية، وهو يشيد بمبادرة الرئيس المشاط، ويأمل أن يؤدي وقف إطلاق النار، الذي أعلنه رئيس «السياسي الأعلى» في صنعاء، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب، فالسعودية وولي عهدها بعد 5 أعوام من الفشل باتوا أكثر الناس معرفة بالقوة اليمنية المتصاعدة، كما أن عمليتي «أرامكو» في «بقيق» و«هجرة خريص»، و«نصر من الله» في نجران، وضعت العالم في مأزق كبير وخوف وترقب من عمليات أخرى على نفس المستوى، وربما أكبر، وستكون نتائجها حتماً كارثية على السعودية وكل من يقف معها في العدوان على اليمن.
5 أعوام من الحرب كانت كفيلة بأن تجعل واشنطن المشغل الرئيسي للرياض تستجدي الحلول على طاولة مسقط لتفادي مزيد من الضربات، كما أن الصمود الشعبي والتطور العسكري للقوات المسلحة اليمنية وتمريغ أنف السعودية بالتراب بعد عملية «نصر من الله»، جعل محمد بن سلمان «أسطورة زمانه» يبحث عن حلول وتهدئة تنقذ ما تبقى من نفط مملكته الخاوية والهشة، لاسيما مع ما يتعرض له من ضغوط داخلية كبيرة تحمله كل تبعات الفشل في اليمن امتلاك اليمن الاحتياجات العسكرية وتصنيع واستخدام المنظومات المتطورة في سلاح الجو والقوة الصاروخية وتكامل العمليات النوعية من نفط بقيق إلى ميدان العمليات بنجران في ظل الحصار المفروض، كشف عن حالة الوهن الذي تعيشه دول العدوان، وعلى رأسها المملكة السعودية والإمارات، وهذا بتصنيف ووصف المراقبين تحوّل استراتيجي هام نقل القوات المسلحة اليمنية من مرحلة الدفاع عن النفس إلى مرحلة الهجوم القوي القادر على الإمساك بزمام المبادرة والقدرة على تحديد نقطة البداية والنهاية.
العمليات النوعية الأخيرة التي شهدها أيلول المنصرم دفعت السعودية وحلفاءها وشركاءها للتفكير بشكل جدي في ضرورة الخروج من المأزق واستبعاد أية أفكار حول تحقيق انتصار عسكري، في ظل توحد وتماسك الجبهة الداخلية المواجهة للعدوان والانقسامات الكبيرة التي تعيشها القوى المعتدية.
ومن المهم أيضاً أن نعرف نحن قبل غيرنا أن القوة المستخدمة في ضرب «أرامكو» أو في عمليات «نصر من الله»، ما هي إلا جزء بسيط من القدرات العسكرية الضخمة التي بإمكان اليمن استخدامها لتغيير وجه ومعالم المنطقة والإقليم، كما أن هذه القدرات تؤسس للعلاقات اليمنية مع يمن ما بعد العدوان، ومن الطبيعي أن تسارع اليوم دول المنطقة والإقليم للبحث عن علاقات ندية مع اليمن، فهي تشاهد القوة المذهلة في ظل الحرب والحصار، وتتساءل كيف ستكون هذه القوة في يمن ما بعد العدوان؟

أترك تعليقاً

التعليقات