شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

لست من أنصار الرجعية، ولن أكون، رغم إيماني بعدم أهمية رأيي وتأثيره في توجيه الرأي العام، أو إنتاج ثقافة تتبنى ما أقوله، لكني أجد نفسي ملزماً بطرح ما أراه وفقاً لقناعاتي المبنية على قراءتي المتواضعة لراهن الأحداث وتجارب الماضي.
ومع ذلك، فأنا من أنصار التقدم، ومن المؤمنين بجدلية التاريخ وسيرورته وديمومة التحول، فالإنسان هو محور التطور وأداته وهدفه.
لكني أيضاً لست من أنصار الديمقراطية التي لا عمل لها سوى تنظيم تداول السلطة في أمريكا بين الجمهوريين والديمقراطيين، حراس الرأسمالية الاحتكارية ومنفذي سياسة استغلال الشعوب وتعميم الفقر على أبناء البلدان المقهورة الجائعة عبر صندوق النقد الدولي وبقية المؤسسات الأممية، واختلاق وتغذية الصراع بين الناس على أسس دينية وعنصرية ومناطقية.
لن يصل عبر هذه الديمقراطية بمفهومها الغربي الشائع، مواطن بريطاني مقصي الى قصر الحكم من خارج حزب المحافظين أو حزب العمال، ببوصلتهما المضبوطة على إيقاع المنهج الاستعماري الاحتكاري وسياسة السوق الاستهلاكية وسرقة مقدرات وخيرات البلدان والتحكم في مصائر الشعوب وتعميم قيم العولمة التي تمنح قوى الاستغلال والهيمنة طوراً جديداً في مسارات مراكمة الثروة في خزائن الشركات الكبرى ومصانع الأسلحة التي لاتجد سوقاً لها غير سوق الصراعات بين أبناء الشعوب المقهورة الفقيرة في مختلف جهات الأرض. 
الدول الرأسمالية التي أسقطت كثيراً من الأنظمة بتهمة أنها أنظمة ديكتاتورية، منها نظام صدام حسين في العراق، ونظام معمر القذافي في ليبيا وغيرهما.. هي ذاتها التي أسقطت السلفادور الليندي، الرئيس التشيلي المنتخب، وأعدمته بواسطة أدواتها الاستخباراتية، وهي ذاتها التي حاولت الإطاحة بالرئيس الفنزويلي المنتخب هوجو شافيز، وأعادته الجماهير الفنزويلة التي انتخبته بديمقراطية فنزويلية بحتة نقية من شوائب ديمقراطية البيت الأبيض وقصر برمنجهام.
نحن هنا في هذا البلد الحزين المعتدى عليه من شركات النفط، جربنا الديمقراطية، ولم نجد إلا أنها بوابة للفساد والإفساد، وإعفاء الحاكم والمحكوم من الالتزام بضوابط الدستور والقانون، وإشاعة الفوضى. 
النظام الشيوعي الصيني اللاديمقراطي هو الناجي الوحيد من أفخاخ الديمقراطية الرأسمالية وسلطة جهاز المخابرات الأمريكية، وهو النظام الذي استطاع النهوض بالصين وبشعبها الملياري الكبير، واستطاع أن يجعل الصين تقف في النسق الأول لمعركة التطور الإنساني بعيداً عن هيمنة قوى الاستغلال الرأسمالي.
وللحديث بقية...

أترك تعليقاً

التعليقات