شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

هل ستتعافى تعز بعد كل هذا الدمار الذي طالها، وبعد كل هذا التجريف للقيم الاجتماعية والثقافية والمدنية التي كانت العلامة البارزة والمتميزة في السجل التاريخي لهذه المحافظة عبر عقود طويلة؟
سؤال كثيراً ما يوجهه بعض أبناء تعز لبعضهم، خاصة النازحين منهم إلى المحافظات الأخرى، أو حتى إلى خارج الوطن غير السعودية.
نعم، ستتعافى هذه المحافظة حتماً، وهي الآن تغسل بدم الشهداء والضحايا من أبنائها، خبث التطرف الذي غشاها على غفلة منها، ومن نباهة التاريخ أن ما يجري الآن تحت مسمى المقاومة والدفاع عن تعز، من قتل وسحل وصلب، هو سلوك عارض لا يعبر بالأصل عن تاريخ هذه المحافظة، وتطلعات أبنائها إلى مستقبل مشرق يحكمه القانون في ظل دولة مدنية تتساوى فيها الفرص بين أبناء الوطن اليمني الواحد.
ليست تعز هي المحافظة التي يمكن أن تقام قواعد العلاقة فيها بين أبنائها وبينها وبين بقية مكونات المجتمع اليمني، على أساس الفرز الطائفي أو المناطقي، أو أن تضع السعودية وأزلامها مقاييس هذه العلاقات. 
إن ما يجري الآن في تعز ليس سوى فوضى أججها العدوان، وجلب إليها من مختلف المحافظات، بل ومن دول أخرى، قوافل وجحافل من الأدعياء المتطرفين الذين أنجبتهم المدرسة الإخوانية الوهابية التي ترى العنف هو المنهج الوحيد للتعامل مع المختلفين معها. 
إن من المضحك والمبكي في آن، أن يقول بعض منظري المقاومة وأنصار العدوان، إن تعز تحاول التحرر من سطوة وطغيان الهضبة، أي من سلطة صنعاء، وهؤلاء في ذات الوقت يقاتلون تحت إمرة علي محسن، وخدمة لمصالح وأهداف أبناء الشيخ الأحمر، وكأن الناس لا يعلمون حقيقة ما يريد هؤلاء وأولئك من تعز..!
منذ 2011 حاول علي محسن والإصلاح والمشترك أن يفجروا الحرب ضد الجيش وبقية مكونات الدولة ومؤسساتها، من تعز، واقتحموا المؤسسات، واستهدفوا الجيش والأمن بكثير من الأضرار، لكن قيادة المحافظة ومعها قيادة الدولة آنذاك، فوتت عليهم الفرصة، ولم تنجر إلى مربع العنف والحرب، رغم ذلك السلوك العدواني الخارج عن القانون، ولكنهم وجدوا الفرصة سانحة لدفع تعز إلى المواجهات الحربية تحت راية العدوان السعودي الهمجي الغاشم في 2015. ومع كل ما جرى ويجري، فإن تعر ستتعافى، وستنهض من بين الدمار كطائر الفينيق، وستعود أشهى وأجمل.

أترك تعليقاً

التعليقات

Nevaeh
  • الأربعاء , 25 يـنـاير , 2017 الساعة 9:11:30 AM

Keep it coming, writers, this is good stuff.