شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

2-2
النفط في البلدان الأخرى غير الخليجية، أنتج نهضة جبارة انعكست على بناء الإنسان، ولم تحوله أنظمة تلك البلدان الى أيديولوجيا عنف وحيل ودسائس تطيح بأحلام الشعوب الأخرى، وتجهض طموحهم الإنساني المشروع في صناعة حياة تليق بإنسانيتهم، كما فعلت وتفعل أنظمة النفط الخليجية. وشاهد الحال قائم في بلادنا التي أوقعتها أخطاء الجغرافيا في مرمى الجوار الناضح بالكراهية والعنف والغرور والاستعلاء الناتج عن تضخم الذات النفطية.
 إن أشلاء النساء والأطفال والشيوخ والشباب اليمنيين المتناثرة في كل بقعة طالتها طائرات العدوان، وهذا الدمار الذي لم يستثنِ مؤسسة بناها اليمنيون بتعب السنين وكد الأجساد الفقيرة، وطال حتى منازل مواطنين وهدمها على رؤوس قاطنيها، ليس إلا انعكاس لشعور بدوي بغيض حوَّل النفط من ثروة لبناء الإنسان الى سلاح تدميري يتماهى مع عقد النقص المستفحلة والمتحكمة بالعقلية الصحراوية الخليجية الحاكمة التي تتعاطى مع جيرانها بثقافة المراوغة والكيد وإثارة الصراع والاقتتال بين أبناء الشعب، بل إنها لا تتورع عن شن العدوان المباشر واستباحة السيادة والدم، متكئة على منظومة من المغالطات المسنودة بالمال لشراء مواقف الأنظمة والمؤسسات الدولية التي هي الأخرى طالها النفط الخليجي بأضرار أخلاقية وقانونية فادحة، وتحولت الى مجرد مبتز سفيه يلوح بالاعتراض على العدوان، فقط لاستدرار مزيد من الأموال من ضروع النفط.
إن كل طفل يمني قتل في هذا العدوان أو باغته اليتم، هو ضحية من ضحايا النفط، حتى أولئك الذين يرقصون على إيقاع صواريخ الـ F16، وتجتاحهم نشوة الفرح حين يرون أفواج الضحايا تتجه الى المقابر، هم أيضا من ضحايا النفط الفاجر، فلولا النفط والعقلية البدوية الخليجية المتحكمة به، لكانوا مواطنين صالحين يفلحون الأرض ويستنبتون أرزاقهم من عطائها، ولكان ضرر الأشقياء منهم محدود التأثير.

أترك تعليقاً

التعليقات