شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

صنعاء المدينة والناس، صنعاء محور التاريخ اليماني الممتد من أعماق الأزمنة الغابرة عنفوان حياة وأناجيل إبداع حتى ناصية الراهن المتخم بالوجع وبالتوثب أيضاً لبلوغ الحلم ونيل المرتجى.
-إنها وبرغم جرحها العميق ونزيفها الغزير الحاد وشعورها المرير بالغبن من تطاول العدوان النفطي على البلاد قاطبة.. ووقاحة المؤيدين له وصفاقة العالم الذي رهن مواقفه بما يؤول إليه من ريع النفط وخراج القتل الذي تجترحه آلات العدوان فصمت عن جرائم المعتدين بل وباركها وأسهم في حدوثها بطرق ووسائل مختلفة ومتفاوتة الأحجام والتأثير.
إلا أنها صنعاء وكعادتها تواري مواجعها وأساها خلف ابتسامة عريضة دافئة مشرقة تستقبل بها القادمين إليها من أصقاع اليمن تنفض عن أهدابهم غبار الحزن وركام التعب المتراكم فوق وجوههم وتلوح لهم مآذنها بالتحية والسلام فتهدأ أرواحهم القلقة وتطمئن نفوسهم وتهدأ،،
لا تسأل أحداً من القادمين إليها عن اسمه أو مكان ميلاده أو طبيعة انتمائه السياسي أو مذهبه الديني أو موقفه مما يجري من عدوان على البلاد
تستقبله بغريزة الأم الرؤوم وعاطفة الأبوة الحانية فتمنحه الدفء رغم طقسها الكانوني البارد وتضمد روحه الخائفة بضماد الأمان رغم استمرار طائرات العدوان النفطي الفاجر القبيح بمزاولة القتل والتدمير وهدم أسس الحياة وقواعدها وانتهاك الحياة..
إنها صنعاء المتشحة بكبرياء التاريخ وبمشاعر الأمومة الفسيحة الرحبة التي ترى أن كل يمني وفي أي مدينة أو قرية كان مولده هو ابنها الشرعي الحميم...
لا تأبه لثرثرات الساسة الخبثاء وتخريفات الأدعياء وسماسرة الطائفية والمذهبية والمناطقية الذين لا يجيدون سوى إنتاج العداوات والاتجار بآمال الناس وآلامهم واستيراد الموت من عواصم العدوان ومواخير النفط المخزية وابتكار المبررات المشرعنة لاستمرار هذا العدوان والتدمير.
 إن كثيراً من الذين واللواتي استغرقوا سنين أعمارهم وجهودهم لاستعداء البسطاء من مختلف مناطق اليمن ضد صنعاء لم يجدوا ملاذاً يحميهم من سطوة الرعب والموت المتوثب لابتلاعهم في كثير من المدن والقرى غير صنعاء. 

أترك تعليقاً

التعليقات