شبابة
 

عبده سعيد قاسم

الكتابة خارج معركة التصدي للعدوان تبديد للحرف، وترف ليس أوانه الآن، ولا قيمة لأية كلمة ولا لأي موقف ما لم يصب في خنادق المعركة الوطنية الراهنة، ويؤازر المقاتل اليمني الذي يجترح ملاحم قتالية أسطورية تذهل الدنيا وتحبط العدوان وتمرغ غروره في وحل الهزائم والخيبات المتتابعة، لذلك فالكاتب حين يستل قلمه للكتابة في هذا الظرف الوطني الاستثنائي، يحتاج لأن يمارس طقوس التعبد في محراب الوطن المعتدى عليه، ليتجلى في أعماقه صدق الانتماء للقضية الوطنية، ثم ينتج كلمة تتناسب مع قيمة هذه اللحظة الوطنية الفارقة التي جرى فيها الفرز البات لمن هو مع وطنه وشعبه، ومن لا يرى في الوطن سوى رقعة جغرافية ولد فيها بفعل مصادفة الأقدار، وليس مديناً له بأي موقف ولا ملزماً له بشيء. كما أن الكتابة هي احتفاء بالقارئ، واحترام لوعيه وعقله وقضاياه، وليست مجرد إسقاط للواجب وملء فراغ في صفحة ما، بل هي استحضار تام للوطن بسيادته واستقلاله وقدسية ترابه، واستحضار لهموم الشعب وأحلامه وطموحه للحرية واستقلال قراره دون وصاية وبلا تدخل أحد من خارج حدوده الجغرافية..
الكتابة رافد من أهم روافد المعركة الوطنية، وبوصلة تضبط اتجاه المسارات الوطنية المشرئبة لنيل الحرية الكاملة والاستقلال التام غير المنتقص، وليس أمام اليمنيين خيارات غير خيار التصدي للعدوان وكسره وتحقيق الانتصار الكامل عليه وامتلاك ناصية القرار الوطني وتحديد المصير الذي يرتضيه الشعب ويضمن له حياة نقية من شوائب الوصاية الخارجية والتدخلات التي تسلب الشعوب حقها في إدارة حياتها بمقتضيات إمكانياتها وحاجتها الإنسانية في العيش الكريم، وبعيداً عن الارتهان لمصالح قوى الهيمنة والاستغلال التي ألحقت الكوارث والخراب بأوطان وشعوب كثيرة. 
ليس ذنبنا أننا ابتلينا بجيران لا يجيدون ممارسة وجودهم خارج حظيرة الارتهان لقوى الهيمنة العالمية رغم ثرواتهم الهائلة، ولا يريدون لنا إلا أن نلتحق بركبهم المخزي الذي حتماً لا يتناسب مع سماتنا وهويتنا الرافضة دائماً للاستكانة للإملاءات الوافدة من خارج الحدود.
لكن ليس أمامنا إلا الكفاح وبصلابة في سبيل الحفاظ على هويتنا الوطنية والإنسانية المتميزة مهما كانت الأثمان التي تستدفعها منا هذه المعركة الخالدة، وما دفعناه حتى الآن من أثمان فادحة جدير بعدم إهداره أو التنازل عنه تحت أي مسمى وبأي مسوغ، ومهما كان حجم الضغوط وأنواعه ومصادره. فشعبنا اليمني يعرف جيداً أين تكمن مصالحه، وكيف يصنع حريته، وقد علمته تجارب التاريخ الطويلة المتعددة أن دحر الغزاة هو السبيل الوحيد للوصول إلى المستقبل المنشود.

أترك تعليقاً

التعليقات