صالح ومراهنات خصومه وأصدقائه
 

عبده سعيد قاسم

في بداية العدوان ذهب بعض السياسيين من قيادة المؤتمر يعدون العدة ويجرون التفاهمات مع قيادات بعض دول العدوان لإيجاد خطة لخروج علي عبدالله صالح من اليمن وتسليم قيادة المؤتمر الشعبي العام لمن يختاره هو ويغادر اليمن وبشروطه. صالح ولاشك بل قطعاً أنه كان يبدي لهم شبه موافقة، وحين اكتملت الخطة وتمت التفاهمات رفض صالح الخروج، قلب عليهم الطاولة، وخيب مراهناتهم، وتمسك بيمنيته وبتحالف المؤتمر مع أنصار الله ضد العدوان. وأثناء الإعداد لاحتفالات ٢٤ أغسطس بمناسبة الذكرى الـ35، وأمام ما أبداه أنصار الله من تذمر ومخاوف من الفعالية، كررت دول العدوان مراهناتها، ولكن هذه المرة ليس على خروج صالح من اليمن، ولكن راهنوا على حدوث مواجهات عسكرية بين المؤتمر وأنصار الله، وتصدع مداميك التحالف الوطني المواجه للعدوان، وبذلك سينشغل المؤتمر والأنصار بالصراع بينهما، وتخلو الجبهات للعدوان الذي كان قد أعد خططه المبنية على مراهناته تلك وأوهامه، لكن صالح قلب الطاولة مرة أخرى، وخيب آمالهم كعادته، وتمسك بيمنيته وبخيارات التصدي للعدوان ومهما كان الثمن، وبدون اكتراث لبكاء الذين شعروا بالخيبة من الواقفين في المساحات المعتمة داخل المؤتمر التي عادة ما تلقى صالح الضربات الموجعة من هذه المساحات السوداء، خاصة في ٢٠١١.
ليست القضية في محاولات العدوان المتكررة والمستميتة لتحييد صالح أو لشق الصف الوطني، بل القضية أن كل من عملوا مع صالح سابقاً ولاحقاً لم يفهموه ولم يخبروا كيفية اختياره لمواقفه وانتقاء خياراته المرحلية والاستراتيجية، وكيف أنه يبني سياساته بناء على معطيات قراءته الحاذقة واستشرافه لمآلات الأحداث، وبناء على تجربة حكمه الغنية بالمواقف والمتناقضات العصيبة، لكنهم يفسرونه ويفهمونه بمقتضيات فهمهم للسياسة باعتبارها انتهازاً للفرصة السانحة بصرف النظر عن العواقب، ويكتفون فقط بالشكوى وإبداء التذمر أن صالح يبدي غير ما يبطن، وأنه إذا أراد أن يمدح شيئاً يذمه، وإن أراد أن يذم شيئاً يمدحه.  
حتى بعض المخلصين لصالح انطلت عليهم الخدعة، وانخرطوا في ضخ إعلامي يصب في خانة تلك المراهنات العقيمة، وخاضوا سجالاً عبثياً مع بعض إعلاميي أنصار الله، مما أسهم في شحن الشارع بالخوف من اندلاع مواجهات في العاصمة، وبدأ البعض يدعو لفض الشراكة بين المؤتمر والأنصار، غير مدركين أن فض الشراكة سيفتح ثغرة واسعة للعدوان الذي لن يستثني صالح ولا المؤتمر من التنكيل، ولن يهادن أنصار الله، بل هم على رأس القائمة لأهدافه العدوانية.  
ذلك واضح من خلال تباكيهم على ما اعتبروه أن فعالية ٢٤ أغسطس ذهبت هدراً ولم تحقق ما كانوا يتمنون تحقيقه من اضطرابات ومواجهات.
لقد راهن الشارع اليمني والمؤتمري الرافض للعدوان، وفي خضم ذلك الضخ الإعلامي المنفلت، على حكمة صالح ووطنيته، وحكمة قيادة أنصار الله وتقديرها الحصيف لخطورة الراهن اليمني والإقليمي، فيما راهن العدوان وأدواته على انفعالاتهم وتمنياتهم الخرقاء، وفهمهم للسياسة كسلوك انتهازي مجرد من قيم الانتماء للوطن والشعب. 
المجد للشعب اليمني العظيم، الرحمة والخلود للشهداء..

أترك تعليقاً

التعليقات