الإعلام وضخ الأكاذيب
 

عبده سعيد قاسم

أصبح الإعلام وبمختلف وسائله وأدواته مضخة جبارة لضخ الأكاذيب وتلفيق فبركات تنضح كذباً واستخفافاً هدفه تدمير تفكير المتلقي والتأثير عليه ودفعه الى تبني موقف داعم لمواقف من يقف خلف هذه المضخة الإعلامية، وتدفعه أيضاً للتخلي عن مواقفه وقناعاته المناهضة لها، ونجحت هذه الموجات الإعلامية في إرباك تفكير المتلقي، بالذات المتلقي الذي لا يتمتع بثقافة ومعرفة تمنع هذا الضخ من استباحة وعيه واختراق تفكيره.
لا يقتصر هذا الأداء الإعلامي على القنوات الفضائية والوسائل التقليدية، بل إن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تلعب دوراً أشد خطورة في هذا المضمار، فهي في متناول من يعرف ومن لا يعرف مدى قيمة نشر الخبر والمعلومة، وتأثيرها على المتلقي، وقدرتها على إشاعة الأكاذيب بسرعة وبطريقة سهلة، وبدون أدنى معايير الالتزام بالحقيقة واحترام وعي المتلقي. 
وهي بذلك تعكس مستوى وطريقة تفكير السياسيين الذين يوجهون كتائبهم الإلكترونية لإشاعة الأكاذيب بين الناس، وتنسف قواعد الحقيقة، فقد تبين أن الأحزاب تتكئ على هذه الوسائل في الترويج لتوجهاتها، وبما يخدم أهدافها المعلنة والخفية على السواء، ومنها إثارة الفوضى الذهنية وتقويض وحدة المجتمع، مما يجعل المتلقي صيداً سهلاً لصناراتها الانتهازية، وهي أيضاً تعتبرها مساحيق مجانية قادرة على إخفاء تشوهاتها النفسية والأخلاقية، وإلصاقها بالآخر وشيطنته وتقليص مساحة مؤيديه. 
لقد أصبحت بعض القنوات الفضائية تستقي المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، وتذيعها باعتبارها حقائق لا يشوبها الباطل ولا الكذب، وبالذات القنوات المتخندقة مع تحالف العدوان ضد بلادنا، حتى إن المشاهد الحصيف يشعر حيالها بالإشفاق، ويسخر منها ومن حالة السطحية والابتذال السائدة في نشاطها.

أترك تعليقاً

التعليقات