شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

كثيرون من تجار الحروب وقارعي طبولها يلومون أبناء محافظة إب، ويهزؤون  ويسخرون منهم، ويكتبون ألفاظاً وقحة ونابية ضد أبناء المحافظة، لأنهم استمسكوا بالعقل، ولم يستجيبوا لدعوات الاقتتال، ولم يستلذوا الرقص في مسارح الدم  ومهرجانات استباحة الحياة. 
إن هؤلاء الذين يحتكمون بكل حواسهم للمنطق المقلوب والمضاد لمعنى الحياة وحق الناس في رفض الجنون، والسير بعيداً عن حقول الألغام المزروعة في خاصرة الوطن، يصرون على توسيع خارطة المأساة، ويحز في نفوسهم أن تبقى محافظة إب آمنة هادئة تحتضن الهاربين من الموت، وتطعمهم من جوع، وتؤمنهم من الخوف، ويمارس أبناؤها حياتهم الطبيعية بلا جثث ومن دون دماء.
لقد جرب أبناء هذه المحافظة الفوضى، وذاقوا مرارة الاقتتال في كثير من مناطق ومديريات المحافظة، من أواخر الستينيات حتى منتصف الثمانينيات، ولم يحصدوا غير قوائم طويلة بأسماء الضحايا، وحشود من الأيتام والأرامل، واتساع المقابر.
لذلك فشلت كل أموال النفط ومشاريع العدوان في أن تجر أبناء محافظة إب إلى ساحات العنف ومربعات الاقتتال، واعتصم أبناؤها بالعقل الذكي المستلهم لتجارب التاريخ وعظاته، وعززوا ثقافة السلام بتحاشيهم الوقوع في مصائد الفتنة.
وبدت إب أكبر من أن تلهث خلف بريق الشعارات ولمعان أموال النفط، وبحكمة ردمت  كل بؤر التوتر التي حاول دهاقنة الحرب ونخاسو الدماء إشعالها.
لذلك مثلت خيبة صادمة لمهرجي الليالي الفيسبوكية، وجعلتهم يجترون هذه الخيبات ويتقيؤونها شتائم مستفزة مقذعة ضد أبناء هذه المحافظة التي رسمتها يد السماء لوحة بيادر وحقول معشبة باخضرار الحياة.
فلك المجد إب، وعليك السلام..

أترك تعليقاً

التعليقات