شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

لا تزال لوثة ساحات 2011 تتحكم في ردة فعل وتفكير أصحابها حيال من ليس معهم ومن لا تتسق مواقفه مع قناعاتهم السطحية الجوفاء. ورغم تغير خارطة التحالفات السياسية ووسائل الصراع، إلا أن مفاهيم وثقافة التطرف والاستعداء التي ضختها الأحزاب الانتهازية الى ذهنية أتباعها، وذهنية من انطلت عليه أكاذيب تلك الأحزاب وترسانتها الإعلامية إبان أحداث 2011م، ولم يستطيعوا منها فكاكاً، ولم يشفوا من تلك التشنجات، ولم يتحرروا بعد من فوضى ذلك العام الذي شهدت اليمن خلاله أسوأ الأحداث، وفيه جرى تجريف القيم المجتمعية والأخلاق الحميدة، ولم تنتج غير ثقافة الاستعداء وقمع صاحب كل وجهة نظر مخالفة، وسيل عارم بل طوفان هائل من الكذب والزيف والمغالطات وتسمية الأشياء بغير أسمائها وتوصيفها بما لا تحتمل وبما ليس فيها طبعاً.. كل هذا ليس إلا عته وانعدام رؤية، لأن عينة من البشر كهذه تتوقف بهم الأحداث عند حد زمني لا يستطيعون تجاوزه، ولا يأتون بأفضل منه.
هذه هي قدراتهم، وهذه هي أعراض ونتائج ما أصابهم من لوثة 2011، فليس لديهم ما يقولونه ولا ما يقدمونه للناس كاستجابة لطوارئ الأحداث والضرورات الوطنية الملحة، غير اجترار عفونة ذلك العام المتخم باليباب وكل المساوئ، والاستمرار في تقيئها في وجوه الناس والزمن.. 
لأنهم يعانون من شعور بخواء داخلي مريع، وظنوا ويظنون أن تواجدهم آنذاك في الساحات صنع منهم شيئاً مهماً، وملأ ذلك الفراغ، وأنهم أصبحوا يمثلون أرقاماً مهمة في معادلة الصراع السياسي..
وليس لديهم ما يقولونه ولا يبرزونه من قدرات أو ثقل سياسي يقفون عليه، ويمنحهم شروط المنافسة في الساحة السياسية أو الإعلامية، ويدل على شخصياتهم كفاعلين في ساحة النشاط العام، غير أنهم كانوا من مرتادي ساحة الثورة الفوضوية، وممن ملأوا الدنيا ضجيجاً بهتافات (ارحل).. هذه هي فقط كينونتهم التي شكلتها الساحات. 
وكل ما استطاعوا فعله الآن هو إضافة بعد مناطقي ومذهبي الى ذلك العته الربيعي الأهوج. 
رغم  كل ما جد واستجد على الساحة الوطنية والإقليمية، وانكشاف سوأة ثورتهم الغريبة المريبة، إلا أنهم لايزالون فريسة لإصرارهم على الغباء والجنون، وكلما سنحت لهم فرصة قالوا (الثورة مستمرة). 
وبعضهم ممن يرون أن التطرف المناطقي هو علامة فاعليته وسمة مقدرته ليكون سياسياً لا يشق له غبار، فيسهب بالكلام والقدح في الماضي المتجسد في ذهنيتهم بـ33 عاماً من حكم عفاش، ويردفونها بعبارات مثل: الحرس العائلي.. المجوس.. أبناء المتعة.. 
ويعتبرون أنهم بهذه الكلمات النابية البذيئة بلغوا مرحلة متقدمة من النضال، وارتقوا أعلى مراتب السياسة. 
مبروك لهم ما هم فيه.

أترك تعليقاً

التعليقات