كل عام وأنتـن بخير
 

علي كوثراني

علي كوثراني / كاتب لبناني -

إلى بعض إناث الجنس البشري ممن هم «امرأة»؛
كل عامٍ وأنتن بخيرٍ وكَثرة. كل عامٍ ووجوهكن وأجسادكن على طبيعتها إلا في ما كان ضرورةً قصوى. كل عامٍ وكلٌّ منكن جميلةٌ تعيش كافة مراحل عمرها برضىً وراحةٍ وسعادة. كل عامٍ وفطرتكن سليمةٌ وغير ملوَّثةٍ أو محجوبة. كل عامٍ وعاطفتكن صافيةٌ وغزيرة.
كل عامٍ وعقولكن نيِّرةٌ تعي أن موقعنا - كامرأةٍ ورجل - في العالم، وموازين القوى فيه، هي ما يحدِّد نمط الإنتاج الذي يحكم اقتصاد بلادنا، فينتج اجتماعها «العادات والتقاليد» والسياسة فيها.
كل عامٍ وعقولكن تعي أن الصراع في بلادنا ليس بين شعبٍ وحكام، ولا بين إصلاحٍ وفساد، ولا بين حرياتٍ وقمع، ولا بين نسويةٍ وذكورية، ولا بين انفتاحٍ وتزمُّت، ولا هو حول التوجُّه الجنسي.
كل عامٍ وعقولكن تعي حقَّ اليقين أن الصراع هو على كل ما نُهب ويُنهب منَّا وعلى ما لم يزل ملكنا وعلى ما يمكن أن نملكه من ثروةٍ وقوةٍ وموقعٍ بين الأمم، وأن موقعنا في الصراع موقع المُهيمَن عليه المنهوب مقابل الغرب المُهيمِن الناهب.
كل عامٍ وأنتن تعين وجوب تساويكن مع الرجال في الكرامة وحاصل الحقوق والواجبات، واستحالة أن تكون هذه الحقوق والواجبات متطابقة، لأن دور المرأة ودور الرجل يحدِّدهما اختلاف التكوين البيولوجي بينهما وطبيعة الاجتماع البشري الذي يختلف بين مكانٍ وآخر.
كل عامٍ وأنتن تعين أن التكوين البيولوجي وإن كان ثابتاً، فإن طبيعة الاجتماع البشري مُتغيِّرة، وأن النضال من أجل مجتمعٍ أفضل يكون عبر بناء اقتصادٍ منتجٍ ودولة قانون ومؤسساتٍ حاميةٍ وضامنةٍ لهذا الاقتصاد، وأن موازين القوى التي منعت قيام تلك الدولة لن تسمح بها، وأن تلك الدولة لن تقوم إلا بالقوة والفرض بوجه الناهب المانع.
كل عامٍ وأنتن أمهاتٌ وأخواتٌ وحبيباتٌ وزوجاتٌ وصديقاتٌ ورفيقاتٌ وبناتٌ.
خَفَّف الله عنكن آلام الولادة، وحماكن من الأمراض، ووقاكن من شرور المحطات المحلية والفضائية، ووسائل التواصل الاجتماعي لاسيما السنابتشات، وأبعدكن عن شبهات وسخافات المجتمع المدني ومختلف ما يتفرع عنه من حركات.
أراحنا الله وإياكن ممن لم يقتنع بعد أن صيغة الجمع في اللغة العربية، وإن كانت صيغة مذكَّر، فهي كافيةٌ وتحوي الجميع من ذكورٍ وإناث، وأن التخصيص بغرض التأكيد لا يضيف على الجملة إلا الركاكة.
آمين
كاتب لبناني.

أترك تعليقاً

التعليقات