حكومة محاولة التسوية
 

علي كوثراني

علي كوثراني - كاتب لبناني -

إن الحكومة التي ولدت مؤخرا ليست حكومة تسوية كسابقتها، بل هي حكومة محاولة تسوية، بمعنى أنها دعوةٌ للتفاوض، وبالتالي فإن كلفتها على المقاومة ستكون أعلى من كلفة سابقتها، لأن فريق الدرجة الأولى الأمريكي ممتنعٌ عن استئناف التسوية بأمر أمريكا نفسها التي تمتنع حتى الآن عن التفاوض.
إذن، فإن خيار المقاومة بالتمسك بالحريري، كابتن فريق الدرجة الأولى الأمريكي، حتى آخر رمق، ثم استئناف التسوية المقطوعة من الجانب الأمريكي عبر السير بفريق درجة ثانية أمريكي، لا يجب أن يُفهم بأي حال من الأحوال على أنه خيار مواجهة، بل واجبٌ فهمه على أنه محاولةٌ من المقاومة لضبط الداخل قدر المستطاع وتأجيل المواجهة، ومحاولةٌ من غيرها لاستجلاب الأموال الموعودة من الخارج، ولا يجب أن تُحسب هذه الحكومة بأي حال من الأحوال على المقاومة.
أما مناسبة هذا الكلام، فهي إلقاء الضوء على واقع الحال الآن، وهو عدم توفر القرار بالمواجهة، حتى الآن، وما يستتبعه من تدابير اقتصاد الحرب الممهدة للصمود والبدء باستراتيجيتي التكامل مع الإقليم والتوجه شرقا لتأمين البدائل في ظل الحصار ثم الشروع ببناء الدولة الحقيقية القادرة والعزيزة.
بطبيعة الحال، لا داعي للقول بأن الحصار باق وأن الأموال مازالت ممنوعة حتى إشعار آخر، وأن العقاقير لن تنفع إذا ما استحقَّت الجراحة، ولكن من الضروري القول بوجوب ألا تتخطى الطموحات قدر غاية المقاومة من محاولة التسوية هذه بضبط الداخل وتأجيل المواجهة.
لذلك فإن الحذر واجبٌ من تعليق أنصار المقاومة بعض آمالهم على هذه الحكومة باعتبارها "حكومتهم"، بالدرجة الأولى لأن الأمر مجاف الحقيقة، وبالدرجة الثانية لأنه سيرتد نقمة على المقاومة من هؤلاء الأنصار أنفسهم.
إن كان من فرصة يجب أن تعطى الآن، فهي للأمريكي لأن يوقف حصاره، وللمقاومة كي تُعدَّ للمواجهة، وإن كان من نقمة سوف ترتد، فلتردَّ على الحصار وأصحابه، وعلى التيار التسووي دون غيره إن لم تأتِ الأموال الموعودة ولم يُضبط الداخل، لا على نواة المقاومة التي أعلنت بدء مسار شاقّ لإنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة... مسارٌ نأمل أن نرى ترجمته في الاقتصاد والسياسة.
* كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات