كفى تضليلا فالحرب طويلة.. وعريضة!
 

علي كوثراني

علي كوثراني / لا ميديا -
"إسرائيل" أوَّلاً وآخراً قلعةٌ استعماريَّةٌ عسكريَّةٌ وأمنيَّةٌ، وليست دولة حرِّيَّاتٍ ولا دولةً من أيِّ نوعٍ آخرٍ. والرقابة على الصحافة هناك هي لذلك فولاذيَّةٌ. وقد سهَّل الأمر أن العلاقة بين الصحافة فيها والأمن والعسكر هي بنيويَّةٌ أصلاً؛ بمعنى أنَّ علَّة وجود تلك الصحافة ووظيفتها، هي كما علَّة وجود ووظيفة باقي القطاعات في الكيان: تخديم القلعة ومصالح المستعمِرين رعاتها.
ولذلك يندر أن يُفلِت من هناك خبرٌ واحدٌ يعنينا ولا يكون من قبيل الدعاية المعادية أو التضليل. ولا يحتاج المرء لأن يكون "فهلوي زمانه" لكي لا ينجرَّ خلف دعاية الأعداء وتضليلهم كالماشية، خصوصاً بعد سنةٍ كاملةٍ من التضليل وتأميل محور المقاومة وجمهوره باقتراب نهاية الحرب وبداية التسوية، وليس آخرها خدعها هدنة الـ21 يوماً التي وُعِدت بها المقاومة وانتظرتها فتلقَّت بدلها هجوماً كاسحاً كلَّفها وكلَّفنا أغلى الأثمان والأرواح والسيِّد.
الآن، وبعد كلِّ فظاعة ووضوح ما حصل، فطرة المرء السليمة وحدها تكفيه لكي يحذر من كلِّ ما يصدر عن الأعداء ويجتنبه. وبعض الاتِّزان يكفيه لكي لا يحمل تلك الأخبار ويطنطن بها بين ربعه.
وقليلٌ من العقل يدفعه لأن ينذر أهله وأصدقاءه بطول أمد الحرب لكي يستعدَّوا لمواجهة تداعياتها، ممَّا يساهم في صمودهم وصمود مقاومتهم. أمَّا أن يستبدل المرء بصره وبصيرته بأمنياته، فذلك هو أبعد الطرق عن النصر وأقربها إلى الخيبة.
واهمٌ مَن يظنُّ أنَّ الإمبراطوريَّة التي تحاربنا ستدَّخر أيّاً من أدواتها في هذه الحرب، وهي حربٌ يتقرَّر فيها مصيرها ومصير العالم برمَّته، فبغير تحريكها كلِّها ضدَّنا الآن ستكون فرصها بالنصر ضعيفةٌ جدّاً.
أيظنُّ البعض أنَّ الإمبراطوريَّة التي زجَّت بـ"إسرائيل"، أهمِّ أدواتها، بحربٍ مدمِّرةٍ، ستترك له "الداخل اللبنانيَّ" ليأخذه غنيمةً بعد النصر؟! أإلى كلِّ هذا الحدِّ هي حريصةٌ على السلم الأهليِّ في لبنان؟!
الطبطبة على هذه الأدوات لن تنفع، بل إنَّ صدمها وإخصاءها وتحييدها أقلُّ كلفةً وأنجع، فإنكار الواقع سيزيد مرارته، وإنَّ الاعتراف به أسلمُ وأنفع.

أترك تعليقاً

التعليقات