ترياق الحرية
 

علي كوثراني

علي كوثراني / لا ميديا -

للهيمنة مسار واحد يتجه نحو المزيد من الهيمنة، وهدفٌ واحد هو النهب، فتسير الهيمنة باتجاه تأمينه وتطويره وتقليل أكلافه عليها.
الهيمنة توسعية بطبيعتها: لا تقبل الهيمنة من الآخر إلا خضوعه لها، وإذا أعلن الخضوع لها اليوم، سيُطالب بالمزيد منه غدا، ويُكسر بعد غد، ويُطحن في اليوم الذي يليه... لا أمان مع الهيمنة، ولا حدَّ للتنازلات معها. 
الهيمنة لا تُنشئ حقوقَا: سقف الطموح في ظل الهيمنة هو بلوغ مرتبة كبير الخدم، ويصبح بعد ذلك الاحتفاظ بهذه المرتبة لأطول مدةٍ ممكنةٍ من الزمن، علما ألا بلوغ تلك المرتبة ولا الاحتفاظ بها هما بيد هذا الطامح أو ذاك.
الخضوع للهيمنة ليس مجالا للترقِّي: لا تسوية مع الهيمنة؛ إذ إنها قائمةٌ بطبيعتها على القوة، فهي لا تعترف إلا بموازين القوى التي قد تضطرها لعقد هدنةٍ، فلا تعقدها إلا لكسب الوقت بغية بناء هجمةٍ جديدةٍ، هدنةٌ لا تحترمها، إذ لا عهد ولا ميثاق مع الهيمنة، فلا تُبقيها يوما واحدا عند توفُّر بدائلٍ في جعبتها من شأنها تحسين الشروط لصالحها.
إذا كان للهيمنة أن تدور دورتها الكاملة عليك، فهي لن تقف عند إفنائك، بل سوف تُعيد كتابة تاريخك أيضا، وتصوِّرك آفة تعطّفت هي على البشريّة ومحقتها، فتموت أنت مرتين.
للهيمنة دواءٌ واحدٌ هو التحرّر، وهو قائمٌ على روح التحدي، وهدفه تحرير الثروات المنهوبة واقتناص الفُرص - خصوصا تلك الفُرص التي تمنعها الهيمنة - والبناء عليهما. التحرر لا يقبل التسوية، وإن كسبَ الوقت فيكسبه لهدفه هو. مسار التحرر واحدٌ أيضا، وهو جمع أسباب القوة لكسر شوكة الهيمنة وتفتيتها على كامل مساحة الكوكب. أما عن سقف الترقِّي في مسيرة التحرر، فهو لا يقف عند السؤدد في حياتك، بل فيه حياةٌ لك وآياتٌ لغيرك بعد موتك.

*  كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات