مقاومة الهيمنة أجدى من مساكنتها!
- علي كوثراني الثلاثاء , 29 ديـسـمـبـر , 2020 الساعة 7:16:38 PM
- 0 تعليقات
علي كوثراني / لا ميديا -
كيان ما يسمى "لبنان الكبير" والمقاومة مشروعان متضادان بالضرورة، ولن ينفع بعد طمس هذه الحقيقة المتعلقة بجوهر الصراع، خصوصا مع اشتداد الفرز الناتج عن احتدام الصراع الذي تطور بشكل لم تعد تحتمل فيه الهيمنة مساكنة أعدائها في بعض ساحات الإقليم.
مع التشديد هنا على أن إسقاط المساكنة كان نتيجة تطور الصراع، أي أن الصراع لم يتطور نتيجة إسقاط المساكنة، بل العكس. وتبعا لذلك فإن إبطاء وتيرة الصراع المتسارعة ليست متوقفة على حلول ابتكارية وخلاقة لإيجاد تسوية ما، بل على حسم في أساس الصراع لا في الشكليات.
تطور الصراع هو الذي جعل مساكنة الإمبريالية لقوى التحرر في بعض ساحات الإقليم خسِّيرة للأولى وربِّيحة للثانية، تضعف هيمنة الأولى على مجتمعات الثانية وتُمكِّن الثانية بوجه الأولى. فالغلبة في الإقليم، التي ستنعكس حكما على موازين قوى الصراع في العالم، لمن؟ بين جيوش الإمبراطورية وهيمنتها وبين قوى التحرر، غرب آسيا سيخلو ممن؟
تبعا لذلك، وبالعودة إلى خياراتنا في لبنان، فإما الهيمنة والكيان التابع المتحلل الذي سُحب منه منه "دوره" لصالح جبهة الهيمنة الجديدة المتشكلة في الإقليم، فحُرم من الريع الخليجي وحورب أبناؤه في رزقهم في معظم قارات العالم، و"تبهدلت" مصارفه وليرته وانفجر مرفؤه، مضافة إليه بعض الوعود التافهة وغير المضمونة، وإما مقاومة الهيمنة والتشبيك مع الإقليم والتوجه شرقا. والمشكلة هي أولا وآخرا مشكلة خيارات.
إن اخترت الدولة السيدة العزيزة المقتدرة، نقيضة الهيمنة الاستعمارية، فلا بد لك أن تختار مقاومة الهيمنة ومستلزماتها، المقدمات الطبيعية لخيار دونه صبرٌ وبصيرةٌ وأثمان باهظة أيضا، ثبت تاريخيّا أنها تبقى أقل من ثمن القبول بالهيمنة في معظم الأحوال.
وإن اخترت قُوْتَك بثمن رقبتك والإذعان لما تعرضه عليك الهيمنة، فستعادي المقاومة وأهلها طبعا؛ ولكن اعلم أن ما يعرضه السيد "الأبيض" على بعض عبيده من فتات الريوع والتنفذ على باقي العبيد لا يولِّد حقوقا دائمة بل امتيازات آنية مُتغيِّرة بتغيُّر حاجات السيد ومتطلبات سيادته عليك المتزايدة بحكم الإمبريالية وطبيعتها النهبوية التوسعية، وكذلك بحكم التضييق الذي تواجهها به الدول الصاعدة عبر قطع أيدي النهب واحدة تلو الأخرى عن مواردها لتنتفع هي بها.
وكل ما دون هذين الخيارين لا أساس واقعياً له، وهو يتأرجح بين الوهم والرغبوية والحقد وبين الخبث وتقصُّد طمس حقيقة الصراع للانخراط الناعم في جبهة الهيمنة.
* كاتب لبناني.
المصدر علي كوثراني
زيارة جميع مقالات: علي كوثراني