ربيع يشبه صمت القبور
 

روبير بشعلاني

#روبير_بشعلاني - كاتب لبناني / #لا_ميديا -

تميز الربيع العربي بعدد من الظواهر الملفتة، فهو يتحرك تحت شعارات عامة لا معنى محدد لها: حرية، كرامة، مظلومية، نظافة، أخلاقيات... الخ.
وغالباً ما تكون شعاراته مستوحاة من أحداث أو سياقات حصلت أو تحصل فعلياً.
هو ربيع لا يصوب على أحد محدد، بل على الجميع.
وهو كلما أكثر من تكرار أن "المطالب معروفة" عرفنا أنها غير معروفة أبداً.
وكلما شدد على عفوية الحراك اتضح أن الحراك يُدار من مكان معروف غير معروف.
وكلما كثر المفكرون والكتاب الذين يتناولونه فهمناه أقل وعجزنا عن متابعته.
وأهم ما يميز هذا الربيع هو تجنب أصحابه للمواضيع المطروحة التي تشكل جوهر الصراع، فهو لا رأي له بالهيمنة الاستعمارية ولا بمنظومة النهب ولا بأدواتها، لا بالكيان "الإسرائيلي" ولا بالتجزئة ولا بتجريف الاقتصاد المحلي وربط السوق المحلية بمنتوجات الرأسمالية العالمية ولا بالمواد الأولية الخام ونهبها... لا شيء البتة.
كل الصراعات الدائرة يتجاهلها، ويؤلف هو صراعاً على مقاسه لا وضوح فيه، لا من حيث الشعارات والأهداف ولا من حيث التنظيم والقيادة.
ربيع بلا أدبيات، لا قبله ولا خلاله ولا بعده.
ربيع يشبه صمت القبور وكأن من صنعه يخجل فيه ومنه.
لكنه يريد أن نلتف جميعنا حوله على الثقة.
*  كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات