عدلي عبد القوي العبسي

 لو نظرنا الى التغيرات التي حدثت  في المشهد السياسي  اليمني في العامين السابقين.. كالعدوان الامبريالي الرجعي وصعود قوى  الثورة المضادة الدولية والاقليمية والمحلية  وتسيدها على المسرح السياسي  والاجتماعي اليمني والانقلاب  على العملية الحوارية التي ساهم  فيها عديد اطراف وابرزهم  الرئيس الانتقالي   والانقسام السياسي الحاد  الحاصل داخل القوى الوطنية وتراجع دور الأحزاب التقدمية   وفشل قياداتها الاصلاحية في التعاطي الموضوعي مع الأحداث وانتهاجها السياسي المتخاذل المرتبك حيال بعض المسائل والأحداث على الضد من تأريخها ومبادئها  خصوصا  موقفها السياسي  الغامض من العدوان !
وأسوأ هذه  التغيرات هو تنامي المخاطر التي تتهدد النسيج الاجتماعي  والجهاز الإداري (الهش أصلا) ومخاطر الانزلاق الى هاوية (الدولة المنهارة ) مع تنامي الأزمة الاقتصادية والتدهور الحاد في معيشة المواطن  وانتشار الفقر والبطالة  والفساد والعنف والفلتان الامني وتغول الارهاب وصعود النزعات العصبية الضيقة كالطائفية والجهوية والمناطقية  الى مستويات انتشار نوعي تهدد بتدمير المجتمع .
  كل هذه الأوضاع التي يمكن تلخيصها بعبارة (تفاقم الازمة الوطنية الشاملة) جراء الصراع وتآمر القوى المضادة للثورة والتي تأتي الحرب العدوانية الظالمة  مؤخرا كتتويج لهذه السلسلة التآمرية  التي استهدفت في المقام الأول النيل من ثورتنا الشعبية الثالثة  2007 -2014  والقضاء على ما تبقى من نفس ثوري شعبي مقاوم.
 نقول كل هذه التغيرات الدراماتيكية الاجتماعية السياسية   تقتضي مسارعة   القوى الثورية والوطنية الحريصة على البلد الى تشكيل (جبهة شعبية واسعة تضم كل القوى اليسارية والقومية) (احزاباً وتيارات ومنظمات ومثقفين) تؤسس على المضامين والأهداف التالية  :
الدفاع  عن  :
- استعادة  المسار الديموقراطي الذي  بدأ  يشق طريقه بفضل الثورة الشعبية (2007-2014) ثم شهد تراجعا   وانحسارا  مخيفا بعد ذلك بفعل الصراع الحاصل  وتآمر القوى المضادة بمختلف تلاوينها وفي مقدمة خطوات الاستعادة  تلك يأتي   التأكيد على المبادئ والقضايا المجمع عليها في الحوار الوطني والاتفاقات الوطنية السابقة وعلى رأسها تأسيس حكومة شراكة وطنية حقيقية   كأول خطوة جادة في مسار انهاء الحرب  الظالمة المفروضة على شعبنا  وانهاء كل  الاستحواذات  السياسية التي سعت اليها الأطراف المتصارعة منذ 2011 وحتى الآن وعلى رأسها  المؤتمر والاصلاح  وقوى أخرى مشاركة لها .
- الدفاع عن السيادة الوطنية  ضد مؤامرات القوى المضادة للثورة وعلى راسها قوى العدوان الامبريالي الرجعي والعمل من اجل كبح جماح  المساعي المحمومة لتكريس الوصاية الامبريالية والرجعية على البلد  وتنصيب القوى والرموز الموالية لها  والتصدي لكل السياسات الامبريالية والرجعية  التي ترمي الى الانتقاص من هذه السيادة والتحكم بمقدرات الوطن وثرواته وذلك بتجهيز حملات تحرك شعبي ضد كل اتفاقات اقتصادية وعسكرية وأمنية وثقافية وسياسية   محتملة  لا  تصب في مصلحة الشعب اليمني ومعروفة هي الأطماع الأجنبية الامبريالية  في هذا الجانب !!
ولا يخفى على أي مواطن بسيط الأهمية المحورية للاستقلال الوطني  في تحقيق الأهداف الأخرى إذ لا ديموقراطية ولا عدالة اجتماعية بدون استقلال وطني وسيادة وطنية حقيقية وهذا هو أبرز الدروس المستخلصة من الثورات الشعبية اليمنية  الثلاث. 
- التأكيد على أولوية تحقيق ( العدالة الاجتماعية)  في برنامج حكومة الشراكة  الوطنية القادمة بما يتناسب مع ظروف المرحلة والامكانات الواقعية الراهنة المتاحة  وضمن برنامج طموح  يتوجه الى المستقبل صعودا في أهدافه  وفق متطلبات كل مرحلة. 
ولا شك أن الدفاع عن (العدالة الاجتماعية) هذا الهدف الثوري العظيم  والمطلب الشعبي الأساس الذي أكدت عليه  كل الثورات اليمنية  وجعلته في مقدمة أهدافها    هو ما يستلزم من جميع القوى الثورية  المسارعة  الى الحوار من اجل تشكيل  (الجبهة الشعبية)  والبدء في التحضير لها  ليتم إشهارها أواخر العام 2017  تحديدا في 25 اكتوبر 2017   لما تعنيه ذكرى هذا اليوم التاريخي  25 اكتوبر من مضامين عميقة  لدى كل انصار العدالة الاجتماعية في كل أرجاء المعمورة .
ولنسأل انفسنا  هل يتعارض تشكيل هذا التحالف الطبقي الشعبي الثوري  مع متطلبات انشاء الجبهة الوطنية الديموقراطية الواسعة  المطلوبة  لترسيخ الشراكة الوطنية الحقيقية  من أجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتفق عليها بالإجماع بعد حل القضايا الخلافية  التي تأججت  في هذا  المؤتمر؟
الجواب  طبعا  لا  فالجبهة الشعبية التي نقترح الإسراع في تشكيلها  ستكون أبرز مكون سياسي ضمن هذا التحالف الوطني  الديموقراطي العريض  وجزءاً هاما من الشراكة الوطنية  وحكوماتها المقبلة 
وستجسد  المفهوم  الحقيقي  (للكتلة التاريخية  ) التي تعني تحالف قوى الشعب الثورية العريضة من أجل إحداث التغيير الديموقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية  .

أترك تعليقاً

التعليقات