الرهان الرابح
 

عبده سعيد قاسم

‌عبده سعيد قاسم / لا ميديا -
من حق موسكو أن تشترط على الهند شراء الوقود منها بالدرهم الإماراتي، وفي ذات الوقت تستقبل الأستاذ محمد عبدالسلام الناطق الرسمي باسم أنصار الله، فربما التعامل مع الأضداد منهج ورثته موسكو من قانون وحدة وصراع الأضداد في النظرية الماركسية وبشكل محرف ومنحرف.
والحقيقة أن تلك هي طبيعة الرأسمالية حتى بنسختها الروسية الجديدة فهي لا تعادي من ينتهك حقوق الإنسان ولا تكترث لمآسي الشعوب، ولا تشعر بالحرج إذا قام أحد حلفائها بالاعتداء على شعب فقير مستضعف وقتل أبنائه وتدمير بناه التحتية كما تفعل الإمارات في اليمن، التي وبطرفة عين أصبحت هي الطفل الروسي المدلل في المنطقة.
ولم أسمع أن هناك يمنيا واحدا من الرافضين للعدوان عبر عن حنقه أو تذمره من هذا الدعم الروسي للإمارات، فاليمنيون لم يراهنوا على موسكو ولا على بكين ولا على طهران ولا على كاراكاس لمنع العدوان على بلادهم والرهان على الخارج حماقة لا يرتكبها إلا الأغبياء، والشعب اليمني لم يراهن إلا على أبنائه المتجذرة فيهم معاني الانتماء لوطنهم وأمتهم، بالتصدي للعدوان وأتباعه الذين خسروا الرهان وربح الشعب ولم يسمعوا النصح بمنعرج اللواء، ولم يؤلمهم الاعتداء على بلادهم مهما كان المبرر ومهما كان المسمى.
وها هم من شدة ندمهم يعضون ألسنتهم التي زغردت للعدوان وأصابعهم التي عزفت أغاني الترحيب بطائرات العدوان التي استدارت اليوم تقصف قواتهم في الثكنات وفي طوابير التدرب على توجيه الطعنات الغادرة إلى ظهر وطنهم وشعبهم.
للعدوان أهدافه ومصالحه الخاصة به التي لم يفهمها من ظنوه جاء لأجلهم، فيما هو لم يأت كما زعم الأغبياء غيرة على صحابة رسول الله (ص)، ولا لإعادة “الشرعية” ورئيسها الذي من شدة إيمانه بـ”الشرعية الدستورية” والديموقراطية خاض الانتخابات بمفرده كمرشح لا شريك له، ومدد فترة رئاسته بطريقته الديموقراطية التي هي الأخرى لا شبيه لها في التاريخ.
ولو أن الشعب اليمني راهن على غيره في مواجهة العدوان لانكسر، ولكان الصف الوطني المقاوم في ذات الخانة التي وضعت دول العدوان أتباعها فيها، ولما استقبلت موسكو الأستاذ محمد عبدالسلام، ولا فرشت له طهران السجاد الأحمر.
للسياسة منطقها الانتهازي في المنهج الرأسمالي، رغم الفرق الشاسع بين منهجي واشنطن وموسكو، يحسب للأخيرة أنها لا تحقق مصالحها باستباحة حقوق الشعوب ولا تخاصم بفجور كواشنطن وأتباعها، ولكنها لا تمانع أن تقيم صداقات مع معتد ومعتدى عليه في سبيل تفويت الفرصة على واشنطن.

أترك تعليقاً

التعليقات