شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

منذ تأسست الأنظمة المرتبطة بالفلك الأمريكي، وهي تشحذ همتها في كل موسم انتخابي أمريكي، وتنخرط في مراهنة سخيفة، وتدعم هذا المرشح أو ذاك، وبالذات أنظمة الخليج النفطية التي لاتكتفي بالمراهنة وخوض السجال الإعلامي فحسب، بل ترصد مئات ملايين الدولارات لدعم من تظن أنه سيجير السياسة الأمريكية في المنطقة العربية والعالم لصالحها، ويخدم تواجدها، غير مدركة أن السياسة الأمريكية سياسة استراتيجية ثابتة، وإن تخللها بعض التكتيك المرحلي من قبل هذا الرئيس أو ذاك، لكنها تظل سياسة ثابتة الأهداف لاتهاون في تحقيق المصلحة الامبريالية الأمريكية تحت أي ظرف وفي أية منطقة في العالم، فهي مصلحة استراتيجية وغير قابلة للاجتهاد، وأي رئيس يحاول تجاوز ما ترسمه له الشركات الاحتكارية الأمريكية ومصارفها الكبرى ومخابراتها، يلقى ذات المصير الذي لقيه الرئيس كيندي، فلا مساومة لديهم في هذه الأمور.
في الانتخابات الأخيرة التي شهدت منافسة حامية بين مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، والجمهوري دونالد ترامب، كالعادة، راهنت تلك الأنظمة وانخرطت في ذلك السباق الرئاسي، ورصدت الملايين من ريع النفط، بل إن المواطن العربي طاله انقسام المراهنة والتأييد لذلك المرشح أو لتلك، وراهن كأنظمته على نتيجة الانتخابات الأمريكية، وأن ذلك المرشح سينتهج سياسة تنعكس على مصالحه كمواطن عربي وكشعب بالإيجابية. 
ربما ارتفع لدى المواطن العربي العادي منسوب التفاؤل بفوز دونالد ترامب، باعتباره جاء من خارج السياق الأمريكي المعتاد، لكنه حتماً سينسى كثيراً من الشعارات والوعود التي أطلقها أثناء حملة المنافسة، وسيرضخ لمحددات واشتراطات مسار المصالح الأمريكية.
أذكر كذلك أننا كمواطنين استبشرنا كثيراً بفوز أوباما في الدورة الأولى، على اعتبار أنه جاء من الفئة السوداء، وسيكون أكثر إحساساً بمظالم الناس جراء السياسة الأمريكية في شتى بقاع العالم، ولكنه كان أكثر فظاظة في تطبيق وخدمة السياسة الأمريكية، وبالسياسة الديمقراطية الناعمة أدمى كثيراً من الشعوب العربية. 
لذلك لاجدوى من المراهنة عليهم، بل علينا أن نراهن على ما سنحققه نحن لأنفسنا كأنظمة وشعوب، لتضطر أمريكا للتعاطي معه كواقع صنعناه نحن انطلاقاً من مصالحنا.

أترك تعليقاً

التعليقات