شُبَّابَة
 

عبده سعيد قاسم

كان بإمكان السعودية أن تمحو مخاوفها الأمنية من ناحية اليمن، بطريقة أخرى، وبأقل تكلفة مما جرى.
كان على السعودية، وهي الدولة الجارة، أن تدعم وجود دولة قوية، وتتعاطى مع الشأن اليمني من خلال قنوات الدولة الرسمية، وليس عبر شخصيات ومشائخ ومراكز قوى لم تفدها بشيء طوال عقود.
وحده وجود دولة قوية في اليمن سيمثل ضمانة فعالة لأمن دول الخليج وسائر المنطقة العربية.
إن اليمن ودول الخليج، على حدٍّ سواء، بحاجة ماسة لوجود دولة مركزية قوية مستقلة في اليمن، وغير خاضعة لتسلط ونفوذ مراكز القوى وإملاءات الخارج. 
وليس مطلوباً من دول الخليج أن تفتح خزائنها وتغدق الأموال على اليمن، بل مطلوب منها أن تدعم وجود دولة، وتتعاطى مع الشأن اليمني من خلالها، حتى يتسنى لليمنيين من خلال الدولة تحقيق نهضة اقتصادية وتحقيق أمن واستقرار للداخل اليمني، والذي سينعكس بالضرورة على الجوار، وبه ستنتفي كل المخاوف أكانت مخاوف حقيقية أو متوهمة أو مبنية على استشارات ونصائح دول كبرى لا يروق لها أن تهدأ الأوضاع في المنطقة العربية، وليست حريصة حتى على استقرار دول الخليج ذاتها.
إن مشاورات الكويت التي تجري هذه الأيام، يجب أن تفضي الى ثقافة جديدة تحكم العلاقات بين اليمن والسعودية، علاقة مبنية على مفهوم احترام المصالح المشروعة، وحرص كل طرف على أمن الآخر واستقراره. 
ما أقوله لا يعني أن اليمن كانت تمثل خطراً أمنياً على السعودية، ولكن وأمام ما جرى، ووفقاً لحقائق الجغرافيا، فإنه لا مناص من إرساء علاقة تبنى على قواعد ومفاهيم مغايرة لما جرت عليه الأمور سابقاً.
فإن المفاهيم التي كانت علاقة السعودية مع اليمن قائمة عليها، أفضت الى كارثة الحرب ومأساتها، ولا بد ولا مفر من تغيير تلك المفاهيم. 
جرت حرب عدوانية، وليس بالضرورة أن نحتفظ بالعداوات، وننمي الخصومات، ونكبل التاريخ بسلاسل الأحقاد والضغائن ومشاعر الانتقام.

أترك تعليقاً

التعليقات