لعنة النفط والجغرافيا
 

عبده سعيد قاسم

تحاصرنا لعنة الجغرافيا، ويتقيأ التاريخ عقده في وجوهنا، فنظل ندفع أثماناً لأقدار لم نخترها، ولم نكن يوماً سبباً في صناعتها.
نحن لم نختر أن تكون السعودية جارتنا، ولم نهندس هذه الرقعة الجغرافية لتكون لنا وطناً، وتكون بالتالي ساحة للعدوان المتتالي من قبل بني سعود الذين لم يكفوا عن أذيتنا منذ تأسس حكمهم في الدولة السعودية الأولى والثانية.
لم ندعُ السماء لتتخم صحاراهم بالثروات النفطية التي يستثمرها بنو سعود لقتل شعبنا وتدمير بلادنا، إنهم يعتدون علينا ويحاربوننا بمختلف الوسائل البشعة والقبيحة، ليس لأننا نشكل خطراً عليهم، أو أننا تسببنا لهم بأذى، ولكنها الثروة في يد نظام متخلف جاهل لايجيد استغلال ما بيده من ثروات لخدمة بلاده وشعبه، بل يستخدمها لصناعة الكوارث للشعوب وتأجيج الصراعات وإسقاط مشاريع النهوض الوطني في البلدان التي اختارت طريقها في الوصول الى غايات شعوبها، وإلا ما هو الخطر الذي تمثله سوريا على بني سعود وقطر لينفقوا كل هذه الأموال المهولة لتدميرها؟ أهي الحرب بالوكالة عن إسرائيل؟!
كل الشواهد تؤكد ذلك بنعم، وما هو الخطر الذي تمثله اليمن عليهم ليهدروا كل هذه الأموال ويسفكوا كل هذا الدم؟ وماذا ستستفيد السعودية من تدمير سوريا والعراق واليمن؟!
كل ذنبنا نحن في اليمن أننا نريد سيادة وطنية غير منتقصة، وقراراً وطنياً مستقلاً يتوخى تحقيق الغايات الشعبية النبيلة، وإقامة نظام يستلهم سياسته وقراراته من حاجة شعبه، ويتخذها بناءً على الضرورات الوطنية، وغير مرتهن لإملاءات هذه الأسرة التي تختزل في سياستها كل عفونة التاريخ ونواقصه وتشوهاته، وتتطاول على كل قيم التاريخ الحضارية النبيلة.
نحن لم نشق البحر الأحمر، ولم ننحت فيه باب المندب حتى تتكالب علينا ذئاب السوق التجارية العالمية، وتصبح دماؤنا مجرد قيمة ربحية مضافة لسلعهم التي تصنع وتباع على حساب لقمة الشعوب الفقيرة وحليب أطفالها ومصيرهم.
ذنبنا أننا شعب يتوق لتكتمل إنسانيته باستقلال بلاده وقراره، يجوع بكرامة ويشبع بلا ابتذال وبلا إهانة، ربما كان ذلك السياسي الأمريكي على صواب، عندما قال: (إن من أخطاء الجغرافيا والتاريخ أن يجتمع النفط والعرب في مكان واحد).
لقد اجتمع النفط والتخلف والجهل والغدر والعدمية في مكان واحد، هو هذا المسمى الخليج العربي.
أجزم غير مبالغ أن العرب، ومنهم شعوب الخليج، لن ينهضوا بدور إنساني يخدمهم في المقام الأول، ويخدم حركة التطور الإنساني، إلا بعد أن ينضب النفط وتجف منابعه، أو يتم استبدال هذه الأسر الحاكمة الجاثمة على هذه الرقعة من الأرض، بأنظمة تمثل مطامح شعوبها، وتلحقهم بالركب الإنساني النقي من شوائب الجهل والتخلف المريع الذي يتحكم بأقدارها في ظل هذا النمط الأسري المتخلف الذي لم ينتج خلال كل مراحله سوى الصراع والتدمير بتوظيف ثروات النفط.

أترك تعليقاً

التعليقات