شبابة
 

عبده سعيد قاسم

مهما أخفت أنظمة الخليج تناقضاتها الحادة في ما بينها، إلا أن عوامل التعرية السياسية سرعان ما تكشف الخافي، وتوضح الغامض، لأن هذه الأنظمة هي مجرد أدوات تبني تصرفاتها وسياستها بمقتضى إملاءات البيت الأبيض، وبما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وتسعى بدأب وجهد حثيث لنيل الرضى الأمريكي، وكلما اطمأنت أنها محل هذا الرضى استدارت لتقوم بتصفية الحسابات مع بعضها، جارفة معها أدواتها المرتهنة مثل الإخوان المسلمين ومن دار في فلكهم، ليصطفوا مع هذا الكيان ضد هذا، والعكس، ولعل في موقف إخوان اليمن المصطف مع قطر ضد السعودية والإمارات هذه الأيام، دليل دامغ أن هذه الأنظمة وأدواتها لاتمتلك حرية اختيار المواقف، ولا تمتلك بوصلة تحدد اتجاهاتها بناء على مصالح بلدانها وشعوبها.
فهي أدوات لا خيار لها ولا قرار، ومهما أخفت تبعيتها وتشوهاتها بأغطية المال، وخلف بريق الذهب، فإنها سرعان ما تتعرى وتنكشف تحت ضوء الحقيقة التي تؤكد أنها أنظمة من صنيعة قوى الاستعمار، وليست إفرازاً طبيعياً لحركة الحياة الشعبية في بلدانها.
لذلك لا يراهن أحد على ما يجري من تراشق إعلامي بين قناتي (العربية) و(الجزيرة)، فليس هذا التراشق سوى تأكيد قاطع أن هذه الأنظمة مصابة بطبيعة عدوانية، ومغرمة بممارسة العداوات حتى ضد بعضها في سبيل الفوز برضى البيت الأبيض، فلا مصالحها الاقتصادية ولا الأمنية فرضت عليها أن تشن عدوانها على اليمن، ولا أن تعادي إيران، ولا أن تسعى لإسقاط الدولة السورية، بل إن كل ذلك هو تنفيذ لما تمليه مصالح أمريكا والغرب.
فهي وبحكم نشأتها لا تملك من أمرها شيئاً، وكل خلافاتها مع بعضها أو مع الآخر تأتي في سياق تنفيذها لإملاءات أسيادها، وليست نابعة من استشعارها وجود مخاطر تهدد وجودها ومصالحها، فهي أنظمة مستنسخة تشبه بعضها، ولا فرق بين من يحكم الدوحة أو أبوظبي أو الرياض، فجميعهم من مواليد الحقبة الاستعمارية ومن إنتاج واشنطن ولندن.
وعلينا في اليمن أن نراهن على شعبنا وقواه الحية التي تستشرف مستقبل بلادنا وشعبنا، وتذود العدوان عنا.

أترك تعليقاً

التعليقات