شبابة
 

عبده سعيد قاسم

عامان مرا من بدء العدوان، والمقاتل اليمني الحافي يكتب على وجه الصخر في أرض المعركة أساطير الصمود وملاحم الانتصار، ينتعل جباه المعتدين وغطرستهم، ويحيل آلاتهم الحربية المتفوقة إلى كومة من الخردة أو إلى مجرد آلة عاجزة عن قهره وكسر صلابته.
وأقصى ما تستطيع فعله طائرات الـ(إف16) الأسطورية الحديثة هو أن تلقي بحمولتها من أطنان الصواريخ على مدرسة أطفال في قرية نائية أو في سوق شعبي مكتظ بالمدنيين أو على طريق إسفلتي تخدشه فيهب الأهالي إلى تضميد جرح الطريق بنحت طريق بديل يوصل ما قطعه العدوان، وتستمر الحياة، ويذهب المقاتل اليمني إلى قلب تجمعات العدو، ويحصدهم بسلاحه التقليدي، أو يرسل صاروخاً ينوب عنه، ويلقن الغزاة درساً يمنياً خالصاً في معاني الصمود والدفاع عن الأرض والعرض، ويبصق حنقه وغضبه في وجه العالم الجبان المتواطئ، دون أن تنكسر في أعماقه الإرادة والإصرار على طرد المعتدي والتنكيل به وبمواليه ممن غدروا بشعبهم ووطنهم... اليمني رجل قُدَّ من صخر هذه الأرض العصية على الاستكانة للقهر والإذلال، وتأبى نفسه الحرة أن يستجدي عوناً من أحد أو يراهن على غيره في دحر العدوان وامتلاك الاستقلال التام للأرض والقرار.
سقطت أمام ملامح وجه المقاتل اليمني الشبيهة بالصخر الكالح الصلب القاسي، كل هيلمانات الطغيان وتكبر وجبروت المال، وأصبح قميصه الرث المنتَّف أجلَّ وأعلى قيمة من عباءة الحرير الملكية، وأثمن في معيار التاريخ من ربطات العنق الإيطالية الفاخرة المطوية كسلاسل استعباد على أعناق الأذلاء المرتهنين في عواصم العدوان ومواخير العمالة المنتشرة في الرياض وواشنطن وأنقرة، وقسمات وخطوط أقدامه الدامية الحافية أبهى جمالاً وأشد وأزهى نضارة من تلك الوجوه الناعمة المصبوغة بآخر ما أنتجته مصانع التجميل من كريمات ومساحيق لم يستطع لمعانها مواراة قبح النفوس ونتانة الطوايا.
عامان مرا وبندقية المقاتل اليمني لم تسكت عن ترديد نشيد الاستبسال والتصدي لعدوان غاشم أفاك، ولم يخلد إلى الراحة ولو لحظة، ذلك المقاتل اليمني الذي يحمل على عاتق قلبه شظف الحياة المعجون بالإيمان بقدسية الأرض وكرامة الإنسان.
فله المجد وعليه السلام...

أترك تعليقاً

التعليقات