من وصاية إلى أخرى!
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
لم أكن موجوداً حين قامت ثورة 26 سبتمبر، ولم أكن شاهداً عليها، لكنها، وبحسب رأيي الشخصي، ليست سوى انقلاب مصري على الدولة اليمنية، وأنا لا أؤمن بالثورات المستوردة والتي تأتي من الخارج.
وبالتالي، فقد ولدت ثورة 26 سبتمبر معاقة مشوهة، وزاد من حجم التشوه فرض النظام المصري الوصاية الكاملة على الثوار ومصادر القرار الوطني، ووصل الأمر إلى قيام النظام المصري باحتجاز وحبس أول رئيس يمني بعد قيام الثورة ومجموعة من قادة الثورة في القاهرة، بسبب مخالفة الرئيس السلال لتوجيهات عبدالناصر الذي جعل من اليمن حديقة خلفية لمصر في ذلك الزمان.
واستمرت اليمن خاضعة للوصاية المصرية حتى الأيام الأخيرة للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي حاول التخلص من الوصاية المصرية.
وبعد التخلص من الرئيس الحمدي عادت الوصاية الخارجية على اليمن وبشكل أكبر من ذي قبل من قبل النظام السعودي الذي كان له الدور الأبرز في اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي.
لتدخل اليمن في موجة قصيرة من الصراعات والاغتيالات حتى تم تقاسم السلطة بين الرئيس علي صالح وبيت الأحمر، أهم أدوات النظام السعودي في اليمن، لتبدأ مرحلة جديدة من الفساد والعبث وتقاسم النفوذ والثروة من قبل مجموعة صغيرة من المسؤولين والمشائخ برعاية أمريكا والسعودية التي قامت بأكبر عملية نهب للأراضي اليمنية في التاريخ.
ففي عام 1970 كانت مساحة المملكة السعودية لا تتجاوز مليون كيلومتر مربع، لتصبح بعد أربعة عقود من الزمن بمساحة تتجاوز مليوني كيلومتر مربع ببركة الأراضي اليمنية والقليل من أراضي الدول المجاورة للمملكة السعودية.
وبعد ترسيم الحدود مع السعودية التي طبع فيها عفاش نهب السعودية للأراضي اليمنية وتنازل عن حق اليمن في استعادة الأراضي اليمنية المغتصبة حاول عفاش الانقلاب على السعودية والقضاء على النفوذ السعودي في اليمن، إلا أنه وجد نفسه في مواجهة مع حزب الخونج والكثير من المشائخ والقادة العسكريين وأصحاب النفوذ الموالين للرياض، وعلى رأسهم علي محسن الأحمر وحميد الأحمر.
وبالرغم من محاولة عفاش التوبة والعودة إلى أحضان الرياض إلا أن النظام السعودي لا ينسى ولا يغفر، وحاول التخلص من عفاش أكثر من مرة ولم ينجح، حتى جاءت الفرصة في 2011 حيث تم الانتقام من عفاش، وسيطرت السعودية على اليمن بشكل كامل ووضعت الحذاء هادي على رأس السلطة وبقية الأحذية في الحكومة، وبدأت في فرض أجندتها بشكل مفضوح وبعيدا عن الدبلوماسية من خلال ما سمي "المبادرة الخليجية" و"مؤتمر الحوار الوطني".
ومن أهم ما تضمنته هذه الأجندة: تقسيم اليمن إلى أقاليم عدة، تدمير الجيش اليمني، تمكين "داعش" و"القاعدة" في اليمن وإغراق اليمن بالفوضى والإرهاب، إيجاد منفذ لها إلى البحر العربي، والاستمرار في نهب الثروات اليمنية وحرمان اليمن من الثروات الطبيعية في مأرب والجوف وحضرموت ومنع التنقيب في هذه المناطق.
غير أن ثورة 21 أيلول/ سبتمبر أفشلت كل الخطط وقطعت أيادي الوصاية الخارجية في اليمن، مما دفع بأمريكا والنظام السعودي إلى شن هذا العدوان في محاولة منهم لإعادة اليمن إلى بيت الطاعة، إلا أن أبناء الشعب اليمني كان له الكلمة الأخيرة، فها هي أمريكا والسعودية وبفعل الصمود الأسطوري للشعب اليمني، تبحث عن الخروج من اليمن بماء الوجه.

أترك تعليقاً

التعليقات