محاريب وخنادق ..«الخير»
- محمد الباشق الأحد , 3 مـايـو , 2020 الساعة 11:21:04 PM
- 0 تعليقات
حلقات يومية يكتبها القاضي محمد الباشق / لا ميديا -
لنحلق في سماء الفضيلة بأفكارنا، ولنعش في تخيل وتصور المستقبل بقلوب مستبشرة بالخير وعقول مستضيئة بنور الثقة بالفرج واليسر، ولنعش بمشاعر أن ربنا الرؤوف الرحيم يزيدنا من فضله، ولنعش أوقاتا نناجي فيها الله، نبتهل إليه، نصفه سبحانه وتعالى بما هو أهل له، بيده الخير.
الخير، هذه الكلمة الجميلة التي تعني الحسن لذاته ولما يحققه من لذة أو نفع أو سعادة، هذا التعريف الجامع لكلمة الخير، والذي نعي ونفهم منه أن الخير بكماله وجماله وتمامه عند الله ومن الله سبحانه وتعالى ومن ارتضاهم لحمل رسالته وجعلهم للخلق أسوة، وأولهم نبي ورسول الخير سيدنا محمد صلِّ الله عليه وآله وسلم عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك يا أرحم الراحمين، ونحن في شهر الخير وفيه ليلة خير من ألف شهر، ونحن مأمورون جميعاً أن نفعل الخير وأن نتواصى به، ونجد أثر وثواب هذا الخير في الدنيا والآخرة الأخيرة كمال الثواب وتمامه.
وهنا عربون منه إخواني القراء الكرام. كلما امتلأ القلب حبا للخلق من بشر وغيرهم ممن يشاركوننا السكن على هذه البسيطة سعد ووجد السكينة والأمان نفسيا وصحيا وغذائيا واجتماعيا. وكم شاهدنا من أناس أو سمعنا عن قصص أناس بذلوا الخير بسخاء نفس وطلاقة وبشر الوجوه والطيب من القول، وكان العطاء ديدنهم وسلوكهم في توزيعهم للحلوى للصغار أو رعايتهم للحيونات أو معالجتهم للمرضى أو استمرارهم في فتح قلوبهم وبيوتهم للضيافة أو إصلاح ذات البين، أو فئة من هؤلاء الأخيار لم تتوفر لهم الظروف المادية أو الوجاهة الاجتماعية للقيام بشيء مما سبق، فقط اقتصر جانب الخير المبثوث منهم على صدق الابتسامة وتطييب خواطر العباد وإدخال السرور على خلق الله دون ذم لأحد أو السخرية من أحد، فردا أو منطقة أو فئة أو طائفة.
هؤلاء الأخيار لهم قصص ومواقف يتناقلها الناس جيلا بعد جيل. وأملي من القراء الكرام أن يستذكروا ما في ذاكرتهم من قصص ومواقف عمن كان سلوكهم إسعاد الخلق ودورهم في المجتمع وحصولهم على رصيد من المحبة في قلوب الخلق، وهذا رصيد محروم منه المستكبرون والمفسدون في الأرض.
إن الود عطاء الله لأصحاب السرائر الطيبة والسخاء والجود والبذل، أرباب الفضائل، صناع المعروف والباذلين للخير، ويستطيع كل واحد منا أن يلحق بركب هؤلاء الأخيار. وكلما كان الخير أكثر أثراً كان الثواب أكبر والأثر أجمل. وأخيار الأمة هم رجال الجهاد في جميع الجبهات. وبسمو النفس تتفاوت المنازل. وهنا أذكر أن القلوب كما جاء في الحديث الصحيح خزائن الله في الأرض، فطوبي لمن كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر، والويل لمن كان مفتاحا للشر مغلاقا للخير.
ومن باب أن الضد يظهر حسنه الضد، أذكر الحديث الشريف الذي ورد في عدد من مصادر كتب الحديث وهو من الأحاديث التي تتفق مع القرآن الكريم فنأخذ بها، والحديث يوضح أن أولى مراتب الأشرار تأتي من الأنانية وشر النفوس وسوء الخلق، فالأشرار في هذه الحالة الأولى من يأكل وحده ويمنع رفده، مثلا ما يركب أحد في سيارته، ويضرب من هم تحت ولايته من الضعفاء. ومرتبة تلي في الشر ما سبق الذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهي عن المنكر، ودرك الأشرار. حالة ثالثة وهو من لا يُرجي خيره ولا يؤمن شره.
إذن لنجعل عهدا علينا أن نكون أخياراً أو سنجد ممن بيده الخير سبحانه وتعالى كل خير، ولا يضيع أبدا ولا يندم ولا يخسر كل من يعمل خيرا. ولنتلُ سورة الزلزلة ونشتاق أن ندخل في نعمة من يعمل مثقال ذرة خيرا يره.
اللهم يا الله يا خالقنا ومالكنا ومليكنا وملكنا، يا مالك الملك، يا من بيده الخير، صلِّ وسلم على نبينا ورسولنا، نبي الخير ورسول الرحمة، صلواتك اللهم وسلامك عليه وآله، واجعلنا من أهل الخير وفي خير وإلى خير. والحمد لله رب العالمين.
المصدر محمد الباشق
زيارة جميع مقالات: محمد الباشق