ولهذا نقول:القادم أعظم
 

إبراهيم الهمداني

إبراهيم الهمداني / لا ميديا -

الانسحاب الإماراتي المزعوم هو مجرد إخلاء عهدة ومسؤولية الإمارات صوريا من الجنوب لتسهيل احتلاله من قبل الجيش البريطاني القادم بحجة حماية الملاحة، لكي لا يقال إن الإمارات سلمت جنوب اليمن لبريطانيا.
ومن ثمَّ سيكون في الواجهة طارق عفاش ومليشياته، الذين سيمثلون موقف الدفاع عن الوطن، ودور البطل المهزوم سلفا، وبذلك يعود الوجود الاستعماري إلى الواجهة، ليتم حصر أنصار الله بين محتل بريطاني في الجنوب، وعدو داعشي تكفيري في الشمال (مأرب والجوف)، وتخرج السعودية من عدوانها على اليمن بعد أن تضمن سلامة حدودها ومنشآتها بتسوية ما. هكذا يفكرون.
المبادرة الروسية كانت عبارة عن لفت نظر، وإخطار لأنصارالله بالخطر القادم والتحالفات التي تتشكل بصورة متسارعة، والتغيرات الجذرية التي ستطال مسار السياسة العالمية، خاصة بعد صعود رئيس الوزراء البريطاني الجديد، وطبيعة الدور الإجرامي الاستعماري المتوقع من الثنائي ترامب - جونسون في المنطقة، الأمر الذي جعل روسيا تلعب دور الوسيط، والناصح الأمين، فإن كان للعدوان فتح علينا -لا سمح الله- قالت لهم: ألم أكن معكم؟! وإن كانت لنا الغلبة على العدوان -وذلك وعد الله لا محالة- فستقول لنا: ألم نمنعهم عنكم؟!.
مسرحية احتجاز الناقلات هزيلة جدا. ورغم كونها تمثيليات مكشوفة، إلا أنها في الوقت نفسه ترسم طبيعة الانحدار السياسي والثقافي والأخلاقي والحضاري، الذي وصل اليه العالم في عصر التكنولوجيا والتطور، حيث تعود البشرية إلى عصور الفوضى والهمجية والتطرف، وممارسة أعمال الشغب وقطع الطرق وتحكيم القوة على المنطق والعقل.
ليس الهدف الرئيس من قدوم القوات البريطانية، وتشكيل تحالفات أوروبية غربية جديدة بحجة حماية الملاحة الدولية، هو الحد من نفوذ وسيطرة وتدخل إيران، كما يتم الترويج الإعلامي لذلك، وإنما يمكن القول بأن الهدف الرئيس هو اليمن واليمنيون خاصة، وبقية محور المقاومة عامة، كون اليمن هو حجر العثرة الكبرى، التي هزمت كل التحالفات، وأفشلت كل المخططات، وكسرت كل التوقعات، وابتلعت أعتى ترسانة سلاح، وأنهكت التحالف الإجرامي العالمي على كافة المستويات. ولأنهم يعلمون يقينا أن موقف قيادتنا السياسية لن يتزعزع مهما كانت التهديدات والإرجافات، وأن ما فشلوا في تحقيقه بقواتهم وجموعهم وجحافلهم، لن يحصلوا عليه بمبادراتهم الزائفة، ومفاوضاتهم المبطنة بالحيل والكذب والتنصل المسبق عن أي التزامات، لذلك وغيره هم قادمون بتحالف عالمي واسع النطاق، بحجة حماية الملاحة الدولية، والهدف هو شن حرب إبادة شاملة بحق اليمن أرضا وإنسانا، وهذه هي المرحلة الأخيرة من العدوان على اليمن، وهي أيضا نهايتهم الحتمية، التي يقودهم إليها غرورهم وعنجهيتهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق، تماما كما فعل فرعون في معركته الأخيرة ضد موسى وقومه، حين خرج بكامل جيشه وعتاده وهيبته وسلطانه وجبروته، لاجتثاث أولئك الشرذمة القليلون، كما وصفهم هو، ولم يكن الأمر يحتاج لأكثر من كتيبة من الجيش، للقضاء على أناس هاربين خائفين عزل من السلاح، سرعان ما أيقنوا بالنهاية الحتمية، حين رأوا البحر أمامهم وفرعون وجيشه من خلفهم، لكن تلك اللحظة كانت اللحظة الفارقة في تاريخ "بني إسرائيل"، ونقطة التحول الكبيرة والمفصلية في تاريخ البشرية، فقد عبر المؤمنون البحر بسلام، وهزم فرعون وجنوده وسقطت هيبته وأسطورته، بدون أن يتدخل موسى وقومه حتى برمية حجر. 
ها هم فراعنة العصر وجبابرة الزمن الراهن، يجمعون قواتهم ويحشدون تحالفاتهم، سعيا لاجتثاث شعب بأكمله، غير مدركين أن البحر الذي اختاروه مسرحا لمعركتهم الأخيرة، ينتظرهم بفارغ الصبر ليكون آخر مكان يقفون فيه على وجه الأرض، والشاهد الأخير على هزيمتهم وخزيهم وانكسارهم وزوالهم. 
هذه هي معركة الخلاص الأخيرة بالنسبة لهذا الشعب المؤمن الصابر المجاهد، وقيادته الربانية الحكيمة، وهذا هو وعد الله ومصداق قوله: (ولينصرن الله من ينصره)، وقوله: (ولا تحسبن الله مخلفاً وعده رسله)، وقوله تعالى: (وإن جندنا لهم الغالبون). 
ها هي التحالفات تتشكل بسرعة، وأعداء الله وفراعنة العصر يجتمعون ويحثون الخطى، متوجهين نحو نهايتهم الحتمية، ليشهد البحر مرة أخرى اجتماع طواغيت الأرض وسوء منقلبهم ومهلكهم جميعا، بقوة الله وثبات أنصاره ومظلومية عباده المستضعفين.

أترك تعليقاً

التعليقات