مجازر صهيونية بشراكة عربية
 

إبراهيم الهمداني

د. إبراهيم الهمداني / لا ميديا -
تجاوزت القوى الاستعمارية الغربية، وفي مقدمتها أمريكا والأنظمة العربية المطبعة العميلة، دور الحاضنة الراعية والداعمة للكيان الصهيوني إلى القيام بدور الشراكة الفعلية المباشرة، في جرائمه ومجازره، وحرب الإبادة الجماعية الوحشية المتصاعدة، بحق المدنيين الأبرياء في قطاع غزة.
ومثلما أعلنت الولايات المتحدة شراكتها المطلقة ودعمها المطلق لآلة القتل والإبادة الصهيونية الإجرامية، لم تتحرج أنظمة العمالة والتطبيع والنفاق من توظيف وتسخير كل إمكاناتها وأموالها وقدراتها من أجل حماية ودعم وإسناد الكيان الصهيوني الغاصب، خصوصا على مستوى كسر الحصار الاقتصادي، الذي فرضه اليمن على الكيان، حيث سارعت أنظمة العمالة إلى إقامة جسر بري يربط بين الإمارات والكيان الصهيوني في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، مرورا بالسعودية والأردن، لتزويد الكيان بكل احتياجاته الغذائية والتموينية والعسكرية.
كما لم تتوانَ، على مستوى توفير الحماية للكيان، عن اعتراض وإسقاط الصواريخ والمسيرات العابرة مجالها الجوي نحو الأهداف الاستراتيجية في عمق الكيان المحتل، معلنة إغلاق مجالها الجوي أمام صواريخ ومسيرات محور الجهاد والمقاومة. وفي الوقت نفسه، لا تتردد تلك الأنظمة العربية العميلة في فتح مجالها الجوي وكافة أراضيها للكيان الصهيوني المحتل الغاصب، لينفذ عمليات الاغتيالات الإجرامية والمجازر الوحشية الهمجية بحق المدنيين من شعوب محور المقاومة.
على مدى 10 أشهر، وفي اليوم التاسع بعد الثلاثمائة من العدوان على غزة، ارتكب العدو الصهيوني آلاف المجازر الجماعية الوحشية المروعة بحق المدنيين الأبرياء العزل في قطاع غزة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ومن الأنظمة العربية والإسلامية خصوصا، لترتفع «حصيلة الضحايا إلى 39790 شهيدا، و91702 جريحا، منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة».
ولا غرابة في أن الولايات المتحدة وأخواتها وقفت ذلك الموقف الداعم والمشارك للكيان الصهيوني المحتل؛ لأن ذلك هو الوضع الطبيعي لقاعدة التخادم الوظيفي بين قوى الإجرام الاستعمارية العالمية، حيث تخوض قوى الاستكبار والشر والكفر معركتها المصيرية ضد الإسلام والمسلمين، التي يخوضها أبناء قطاع غزة نيابة عن الأمة الإسلامية كلها.
لكن ما يؤسف له هو موقف أنظمة العمالة والنفاق والتطبيع، التي لم تكتفِ بخذلان قضية فلسطين أرضاً وإنساناً، بل سارعت إلى تبني موقف ورؤية وعقيدة الكيان الصهيوني الإجرامي المحتل، بتحريم وتجريم كل فعل جهادي مقاوم، وتصنيف حركة حماس في قائمة الإرهاب، والزج بممثليها -الذين كانوا ضيوف الملك- في السجون، تلبية لرغبة الأمريكي والصهيوني.
ولولا مواقف هذه الأنظمة العميلة لما تمادى المجرم الصهيوني في ارتكاب هذا الكم الهائل من المجازر الجماعية المروعة، والاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي الشامل بحق المدنيين في مخيمات النزوح ومدارس وأماكن اللجوء التي حددها لهم سلفا بوصفها مناطق آمنة. ولولا انحياز تلك الأنظمة النفاقية إلى صف الكيان الصهيوني القاتل لما بلغ عدد الضحايا هذا الرقم المهول، ولما تمادى في صلفه وإجرامه ومجازره الوحشية، ولما تغنى على الأشلاء المتناثرة وجثث الأطفال المتفحمة مبتورة الأطراف مقطوعة الرؤوس.
إن شراكة الأمريكي للكيان الصهيوني في حربه الظالمة ضد أبناء قطاع غزة ما كانت لتصبح بهذا الشكل الفج، وهذه الصورة من الصلف والقبح، لولا شراكة أنظمة العمالة والتطبيع والنفاق، وخاصة الدول الأربع التي أشار إليها سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في كلمته الأسبوعية، الخاصة بتطورات العدوان على غزة، الخميس الماضي، حيث أصبحت تلك الأنظمة العميلة -المشار إليها- بالنسبة للكيان الصهيوني المجرم، بمثابة يده الطولى في المنطقة، خاصة بعد انحيازها المعلن إلى جانبه، ودعمها المطلق لحربه الظالمة، ومشاركتها الفعلية في تنفيذ جرائمه الوحشية ومجازره وحرب الإبادة الشاملة، بحق أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم، وتفعيل مشاركتها على نطاق واسع، عسكريا واستخباريا ولوجستيا واقتصاديا وسياسيا، وهي بذلك لا تقل إجراماً وخبثاً وفسادا عن سيدها الصهيوني، إن لم تكن أسوأ وأقبح وأخبث منه.
وهنا يجب على الشعوب العربية والإسلامية جمعاء، وفي مقدمتها الشعوب المحيطة بفلسطين المحتلة، وشعوب الخليج العربي، أن تقول كلمتها الفصل، وأن تستعيد دورها الإسلامي الريادي والحضاري، وأن تتحرر من قبح وإجرام أنظمتها الاستبدادية، وتتبرأ من دماء أطفال ونساء وأهالي قطاع غزة، وأن تمسح عن وجهها ما حاولت أنظمتها الحاكمة المستبدة إلحاقه بها من عار العمالة والنفاق والتطبيع، لأن ذلك هو الموقف اللائق بها، القائم بشرفها في الدنيا والآخرة. ومن لم يتحرك بعد كل هذا، فلينتظر وصول الدور إليه، لأن الخطة الاستعمارية لم تستثنِ أحداً، واستراتيجية العدو الصهيوني مفتوحة على الوطن العربي أولا، ثم العالم بأكمله ثانيا، لاستعادة ما يسمى «مجد إسرائيل»، وغايتهم هي محو الجميع ما عدا اليهود، ولا فرق عندهم بين عميل أو عدو، «فالمسلم الجيد، هو المسلم الميت»، حسب العقيدة اليهودية.

أترك تعليقاً

التعليقات