فاجعة الغرب!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
مُني الغرب، كل شعوب العالم الغربي، بصدمة حضارية، إن جاز التعبير، مردها فاجعة كبرى في حقيقة “تحضره”. هذا “التحضر” الذي يحفز سباقه الموتور على “الريادة”، ويبرر صراعه المسعور على “القيادة”، مع باقي الأمم.
ينهار كل شيء مهما بدا متينا ومنيعا وحصينا، يتهاوى أمام الفساد. حين يشيع فساد القيم يكون فساد الذمم، والأخير يفوق سيل العرم في جرف كل شيء، وتدمير أعتى حضارات الأمم وأقوى إمبراطورياتها، على مر الأزمان.
حدث ويحدث هذا في الغرب «المتحضر»، واجهة «رقي» الأمم ووجهة توق الحلم. صار اليوم يحتضر...
 وحاله تبعث على الهم، ويعيش أشد نوبات الغم، بعدما أفاق على فاجعة الوهم، وانهيار قوامه، ركائز النظام، من “القيم”!
تهاوى إنجاز مائة عام من صياغة الرأي العام، وتفخيم “رقي وتحضر” النظام، في أوروبا وبلاد “العم سام”، وتصوير الأوضاع بأنها غاية ما يرام، من التحضر وتطور نمط الحياة: عدالة ومساواة وحرية وتعايشا بسلام.
لم يكن أحد في دول العالم “الأول” الغربي والأوروبي، يتخيل مجرد التخيل أن تمنع سلطات بلاده أحدهم من التعبير عن رأيه حيال أي قضية. فجع الجميع بحملات اعتقال طلاب الجامعات في ولايات أميركا ودول أوروبا.
حدث غير مسبوق، لهذا هو صادم وفاجع لسكان الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية! دول “الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية” ورافعة شعارات نشرها في العالمين الثاني والثالث؛ تنبري لقمعها ووأدها في مهدها!
يحدث هذا مع كل إنسان سوي، يرفض الشر وينحاز للخير. يرفض الظلم ويساند العدالة. يرفض الاستبداد ويؤازر الحرية، يرفض الإجرام وينشد السلام. كل من يرفض جرائم الصهيونية وحرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
انهيار مروع لمنظومة “العالم المتحضر”! تصدع مريع لواجهة زعمه “التحضر”، انكشاف شنيع لحقيقة وجه “النظام الغربي القذر”. تفضح أن ازدواجية معاييره، ليست فقط مع خارجه بل ومع داخله أيضا، ولأول مرة!
تبين لشعوب “العالم المتحضر” أن ما تعيشه من تطور مجرد هلام، عماده الإيهام بمظاهر خادعة للعوام، ومعايير مزدوجة للنظام، توطن عوامل التقدم للأمام والتعايش بسلام، وتصدر فواعل الاحتدام والضعف والاستسلام.
حدث فارق كثيرا، لم تعد أميركا ودول أوروبا بعد اليوم نماذج رقي وتحضر وإلهام. صارت نُظم إيهام بتحضر من هلام، يواري شر السيطرة والهيمنة على العالم والاستحكام على مقدراته وثرواته الطبيعية وأسواقه أيضا.
أدركت شعوب العالم الغربي أنها خُدعت طويلا من أنظمتها الليبرالية الانتهازية، وحكوماتها الرأسمالية الاستغلالية، ودولها الإمبريالية المستبدة والمجرمة بحق الإنسانية، والمصدرة للشر والإرهاب والإجرام حول العالم.

أترك تعليقاً

التعليقات