سقطات!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا - 

قرأت خلال الأيام الماضية وسمعت كثيرا من التندرات والنكات والتعليقات التي أطلقت على انقطاع خدمة الإنترنت، وكذا التأويلات والتوظيفات، وجميعها قد نتفهم الحيثيات والشبهات التي استندت عليها، وقد نعدها في خانة التكهنات والتخمينات، بما فيها تلك التي افترضت أن «انقطاع الخدمة مرده تأخر سداد رسوم الاشتراك في الكابل الدولي». 
حتى تلك التوظيفات للتأويلات المسيسة لأسباب انقطاع خدمة الإنترنت والتي ذهبت إلى اتهام وزارة الاتصالات في حكومة الإنقاذ بأنها «قطعت عمدا خدمة الإنترنت عن 80٪ من اليمنيين» المشتركين، بزعم «السعي لإعادة اليمنيين إلى عهد العزلة والحرمان والجهل تحت حكم الإمامة»؛ قد نتفهم الدوافع والغايات التي تقف وراءها.
قطعا، مثل هذا الزعم لا يستقيم بحال مع زعم «نهب الحوثيين عشرات المليارات شهريا من إيرادات الاتصالات والإنترنت». فمن كانت له مثل هذه «المصلحة الكبرى»، يستحيل أن يقدم على حرمان نفسه منها، لأية غاية كانت، فضلا عن أن زعم غاية «فرض العزلة» لا تخدم بأية حال صموده بوجه تحالف حرب إقليمي ودولي.
لكن ما يثير الاستفزاز بحق حد التقزز هو تلك الروايات المبتذلة التي روجها فريق من الموالين لتحالف الحرب على اليمن، بزعم أن «السعودية هي التي تتكفل بدفع رسوم الاشتراك في الكابل الدولي، وهي التي أوقفت الخدمة في سياق الضغط على المليشيات الحوثية بحرمانها من المليارات التي تنهبها من إيرادات الاتصالات»!
ألا يثير التقزز والغثيان مثل هذا الاستلاب حد العبودية الرخيصة للسعودية، وهذا الانكباب على التمجيد لها في مقابل التحقير لليمن؟! هذا الابتذال في محاولة نسب الأفضال للسعودية وامتلاكها «القوة الخارقة»، قطعا يثير الاستفزاز والتقزز، فهو افتراء محض للكذب، ويفتقد أدنى قدرات الحبك القادر على الخداع ولو حتى حين كما أن هذا الزعم المبتذل في الاستخفاف بعقول الآخرين واليمن واستساغة الهوان، يتناقض مع زعم محللي وسائل إعلام تحالف الحرب «قطع الحوثيين الإنترنت لإعادة اليمنيين الى عهود العزلة والحرمان»، ولو كان صادقا لكانت السعودية قطعت الخدمة منذ بداية حربها ولما تأخرت لحظة في «حرمان الحوثيين من نهب المليارات من إيرادات الاتصالات والإنترنت»!
يبقى العتب على اكتفاء المؤسسة العامة للاتصالات، بتعميم رسالة SMS تعلن «خروج 80٪ من سعات الإنترنت الدولية في اليمن جراء انقطاع الكابل الدولي فالكون في قناة السويس»، من دون إيراد تفاصيل تغني المشتركين عن التكهنات والتخمينات وتقطع دابر التأويلات والتوظيفات، قبل أن تفصح الشركة اليمنية للاتصالات الدولية (تيليمن) في بيان عن التفاصيل.
ظل كثيرون يتساءلون عن «أسباب بقاء 20٪ من سعة الإنترنت مادام الكابل الدولي قد انقطع». وذهب المتربصون للأخطاء إلى بث مزاعم وادعاءات عدة لا تخفى منطلقاتها السياسية، من نوع «قطع الخدمة متعمد من وزارة الاتصالات»، و»نهب إيرادات الاتصالات والإنترنت بما فيها رسوم الاشتراك في الكابل الدولي».
لكن بيان شركة «تيليمن»، وبجانب إيراده اسم الشركة المالكة لكابل فالكون البحري، وتمكين ذلك أي مشكك من الدخول إلى موقع الشركة والتحقق من تعطل الكابل؛ تضمن إشارة لما ظل أيضا مثار حيرة المشتركين، وأعني تأكيد الشركة أنها «تعكف في الوقت الراهن على تدبير حلول إسعافية تخفف تأثر الخدمة من جراء الانقطاع على المستفيدين».
هذه الإشارة إلى «تدبير حلول إسعافية» بددت جانبا كبيرا من الحيرة في «أسباب استمرار الخدمة وإن بتذبذب في السرعة رغم انقطاع الكابل». لكنها في الوقت نفسه لامست تساؤلات المتابعين الأهم حيال مشكلة انقطاع الكابل الدولي للاتصال بشبكة الإنترنت، فمثل هذه المشكلة تظل واردة مع أية دولة، ولكنها تفرض السؤال: ما البديل حينها؟

أترك تعليقاً

التعليقات