مآزق المخرج
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

يُقال «إشعال الحرب أسهل من إخمادها»، ووقف الحرب على اليمن وداخله، أضحى مطلبا لجميع الأطراف. لكن المخرج يبرز مأزقا حقيقيا لدول تحالف الحرب بمقاييس تعذر بلوغ أهدافها الفعلية المضمرة وكذا الذرائعية المعلنة، ومقاييس الحفاظ على ماء الوجه أيضاً.
تابعت حديث سفير السعودية لدى اليمن، غير المقيم في اليمن كما هي حال باقي سفراء دول العالم ووزراء هادي ومحافظيه، لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، إحدى أهم وسائل «التسريبات السعودية» ومنصات إطلاق «بالونات الجس» المسبق للأصداء.
بدت الغاية الرئيسة لحديث السفير السعودي محمد آل جابر، تحاشي أي رد صاروخي باليستي وجوي مُسيَّر من صنعاء، على تصعيد الطيران السعودي غاراته على العاصمة صنعاء و7 محافظات، وشنه نحو 60 غارة في يوم واحد، الاثنين، الـ30 من مارس الفائت.
تجلى ذلك في قول السفير: إن «المسؤولين السعوديين أبلغوا الحوثيين بأن الغارات الجوية تأتي ردا على إطلاق صواريخ باليستية على الرياض ونجران وعسير وجيزان، وليس بهدف التصعيد»، وتأكيده أن «السعودية لا تريد تصعيد الصراع، ومستعدة لوقف الحرب»
أراد السفير السعودي بهذا الحديث أن يقول لا تقصفوا عمق المملكة وعصب اقتصادها، المملكة لا تحتمل مزيدا من الهجمات، ونحن مستعدون للتفاوض وإيقاف الحرب، إنما بما يحفظ هيبة المملكة وماء الوجه، أمام مواطنيها وأمام شعوب المنطقة التي تريد المملكة قيادتها.
وقف الحرب، لم يعد خيارا، بل ضرورة تفرضها تداعياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية على السعودية، مع تغير موازين الردع، فضلا عن تبعاتها القانونية لجرائمها، وزاد وباء «كورونا»، داعياً آخر مُلحا، يوجب وقف الحرب والتفرغ لمواجهة الوباء المهدد بالفناء.
تدرك السعودية ذلك، أكثر من غيرها، لكنها تريد الموازنة بين مصالحها ومصالح أربابها من قوى الهيمنة الدولية، وتنشد تسوية سياسية تقدمها راعية لإحلال السلام لا راعية لإشعال الاحتدام، وسيط سلام لا حرب، فإثبات قيادتها الأخيرة يعني إعلان هزيمتها.
هذا ما عكسه أيضاً حديث السفير السعودي للصحيفة الأمريكية نفسها، بقوله إن «المملكة دعت الحوثيين وحكومة هادي إلى محادثات سلام في الرياض لوقف الحرب»، وأن «الدعوة لمحادثات السلام جاءت استجابة لطلب الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن».
لاحظوا التكبر الذي يسيطر على النظام السعودي، ويجعله يستمر في المكابرة والمقامرة، طوال 5 سنوات من الحرب. فهو يريد الحل، لكن بعباءة «راعي سلام»، وفي الوقت نفسه، يجعل دعوته إلى هذا تبدو كأنها استجابة لطلب أممي، لا استجابة لحاجة سعودية.
فعلياً، هذا ليس جديداً، وسبق أن سعت السعودية إليه بدعوتها إلى «مؤتمر الرياض» بعد أقل من أسبوع على بدء الرد اليمني واستهداف معسكراتها الحدودية وقاعدتها الجوية في جيزان، ثم مع اتساع استهداف عمقها، بإصرارها على توقيع اتفاق محادثات الكويت في المملكة.
في المقابل، يبرز موقف المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ مرنا، يطرح 4 خطوات لازمة لبدء محادثات سلام مباشرة مع دول التحالف، تتيح فرص نجاح محادثات سلام بين الأطراف اليمنية، وتتلخص هذه الرباعية في: وقف الحرب، رفع الحصار، صرف الرواتب، إطلاق الأسرى.

أترك تعليقاً

التعليقات