بوق القنابل!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

يقولون إن "الأسماء لا تُعلَّـل". وأقول ربما، لكن لماذا يحدث كثيراً أن يكون للإنسان من اسمه نصيب؟! شيء ما يضفيه الاسم على صاحبه! يحضر المعنى فيلبس المبنى ويتطبع به من دون شعور حتى، ويصير مع مرور الوقت اسماً على مسمى.
خذوا على سبيل المثال وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، اسمه مايك بومبيو، و"مايك" قد يكون اختصاراً لاسم لاتيني ما مثل "جاك" الذي يختصر غالباً إلى "جون"، لكن "مايك" أيضاً اختصار لاسم "مايكروفون" ومعروف ما هو الـ"مايكروفون".
أدري، تبدو مصادفة أن يكون اختصار اسم مايكروفون اسماً لأكثر الناس علاقة به واستخداما له في يومياته ويكاد يكون من صميم عمله (وزير خارجية) ويستحيل الفصل بينهما بأي حال من الأحوال، إذ ما من وزير خارجية أبكم أو لا يُطلق تصريحات.
لكن المفارقة الأكبر بنظري أن يكون لقب هذا الوزير "بومبيو"، فهو اختصار قريب الصلة أيضاً بحرفة بلاده الأبرز وباب نفوذ هيمنتها على العالم، حرفة صناعة السلاح وابتكار أفتك ذخائرها تهديداً وإرهاباً، دوياً وتدميراً، إهلاكاً وإفناءً، وتبعاً إخضاعاً للدول.
أتحدث قطعاً عن القنابل ومفردها قنبلة، والأخيرة في الإنجليزية تسمى (Bomb)، فكثيراً ما تميل الإنجليزية لنظرية "النشأة الطبيعية للغة" وأنها ليست مخلوقة من الله خالق الكون والإنسان، بل تراها مستوحاة من أصوات الطبيعة: كائناتها وظواهرها والأشياء فيها.
ما علينا، ليس هذا هو محور حديثنا، نعود إلى وزير خارجية الولايات المتحدة المُصنّع الأكبر للسلاح في العالم، والمبتكر الأقدر للقنابل والمطور الأشهر لقدراتها التدميرية، وتبعاً صاحب المصلحة الأكبر في إيجاد أسواق لأسلحتها، والرابح الأكثر من اشتعال العالم بالحروب.
ماذا نتوقع أن يكون نهج وزير خارجية هذه الدولة القائمة قوتها الأساس على سياسة مدّ نفوذها خارج حدودها وبسط هيمنتها على جُلّ مقدرات الشعوب وثرواتها بانتهازية التاجر الليبرالي الساعي لأكبر أرباح بأقل جهد ووقت ومال، بخلق الحاجات مدخلاً للصفقات؟!
بالطبع، نتوقع أن يكون وزير خارجية أميركا مترجماً لسياسات بلاده الخارجية ونهجها الرئيس: "تدخلات أكبر.. صفقات أكثر"، وعلى قاعدة "دعه يعمل.. دعه يمر". هذا يفرض أن يكون نافخ كير أزمات ومُسعر صراعات وقارع طبول حرب ومندوب استثمار ومبيعات.
لا غرابة إذن أن "يوافق شنُّ طبقة" ويكون اسم وزير خارجية الرئيس التاجر منزوع العواطف دونالد ترامب، مطابقاً لمهمته الأساس: استثمار الصراعات وتجارة الحروب، لدرجة أن يغدو من بين معاني اسمه "صوت القنابل" أو "بوق القنابل".
هذا باختصار تفسير عملي لحماس مايك بومبيو لاستمرار حرب اليمن، ومعارضته إقرار الكونجرس مشروع قانون يسعى للحفاظ على جمالية صورة أميركا الدعائية بتقييد دعمها العسكري التسليحي والقيادي للتحالف السعودي-الإماراتي.
حين يصل حماس مايك بومبيو إلى القول بأن "من يهتم لحقوق اليمنيين وحمايتهم عليه أن يدعم استمرار عمليات تحالف الحرب السعودي-الإماراتي"، فذلك يترجم مادياً ومعنوياً ترجمة حرفية معنى اسمه: "صوت القنابل" أو "بوق القنابل".

أترك تعليقاً

التعليقات