تعويض الرواتب
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

يمثل 18 سبتمبر تاريخ ذكرى أليمة لنحو مليون و750 ألف يمني، ومن ورائهم نحو 10 ملايين يمني على الأقل، لن ينسوا ما حييوا اقتراف الفار «هادي» وحكومته «الشرعية» بحقهم جناية كبرى من دون أدنى أسف بهم وأفواه من يعولونهم، بوقف صرف رواتبهم واتخاذها سلاحا تراهن عليه لحسم الحرب.
ومهما كانت المغالطات، سيتذكر الجميع أن مشكلة توقف الرواتب بدأت بعد نقل «هادي» البنك المركزي اليمني إلى عدن في سبتمبر 2016 ومجاهرته باتخاذ الرواتب سلاحا، وأن «حكومة الإنقاذ استطاعت صرف 14 نصف راتب»، وفق ما أعلنه عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي، نهاية أكتوبر الفائت.
لكن هذا يعني أن موظفي الدولة بقطاعيها المدني والعسكري بقي لهم في ذمة الدولة 14 نصف راتب و4 رواتب حتى نهاية هذا العام. ومع استمرار تعنت حكومة «الشرعية» وإصرارها على معاقبة 70٪ من موظفي الدولة لا يقطنون المناطق التي تزعم السيطرة عليها، ينبغي إيجاد حل.
تتعاظم الحاجة لإيجاد حل مع تفاقم معاناة إيجارات السكن وتداعياتها القاسية، حدا يعدم الاستقرار ويبدد السكينة ويشدد الضنك، ويمدد حال الكبد، ويمس الكرامة مسا مهينا مرده العوز والعجز. كل ذلك يمكن برأيي معالجته، ليس فقط بضبط الإيجارات ومنع زيادتها، بل بحلول جذرية.
يبرز بين هذه الحلول الجذرية لإشكالية المساكن وإيجاراتها حل تفعيل دور الدولة في المعالجة المباشرة، أكان عبر تبنيها إنشاء مساكن وتأجيرها برسوم رمزية، أو بتمليك المواطنين، يتقدمهم موظفوها، قطعا سكنية من أراضي الدولة، وفقا لدرجاتهم الوظيفية ومبالغ رواتبهم المتأخرة.
ألا يبدو هذا الحل ممكن التنفيذ ومجديا في حل قدر كبير من هذه الإشكالية العامة؟! شخصيا أراه كذلك ولا يكلف الحكومة شيئا عدا آلية واضحة ومعايير محددة لتعويض موظفي الدولة عن رواتبهم المستحقة والمتعذر دفعها، بدلا من التزامها بإيداع آجل في حسابات بريدية!
لا تحتاج الحكومة سوى وضع آلية تعويض موظفي الدولة بقطع أراض سكنية من أملاك الدولة، وتحديد معايير حسابية ثابتة لتعيين مساحات قطع الأراضي وفق الدرجة الوظيفية والراتب المستحق ومبلغ الرواتب المتأخر دفعها، وإقرار هذه الآلية وإعلانها بشفافية.
وقطعا، يلزم في المقابل تنفيذ فحص آلي شامل لشروط قانون ولوائح الخدمة المدنية لنيل الدرجة الوظيفية في هيكلها المصنف إلى مجموعات وفئات وظيفية حسب تاريخ التوظيف وسنوات الخدمة، والمؤهل العلمي، وقرارات التعيين والترقية ومطابقتها لشروط شغل الوظيفة واستحقاق الترقية.
لا شيء صعب أكثر من استمرار هذا الهوان لموظفي الدولة. كما أن رفعه والحد من معاناتهم ليس مستحيلا على الحكومة. كل ما يلزم إرادة سياسية جادة، وقرار حكومي نافذ، وآلية تنفيذية مزمنة واضحة، ولجنة تنفيذ كفؤة ونزيهة، وإجراءات شفافة معلنة، ورقابة نقابية وحكومية مباشرة.
مثل هذا الحل سيعود بمنافع شتى على الدولة، تتجاوز تسديد ديون مستحقة لموظفيها، إلى تعزيز الاستقرار المعيشي لهم، بإنهاء معاناتهم مع السكن وإيجاراته، وكذا ترسيخ ارتباطهم بالوطن وشعورهم بالانتماء إليه، وتبعا تمتين ولائهم المطلق لترابه.

أترك تعليقاً

التعليقات