رهاب أمريكا!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
ظلت الإمبراطورية الأمريكية، لعقود من الزمن، مصدر ترهيب وإرهاب للعالم، بما تملكه من ترسانة أسلحة وتقنيات حديثة وجحافل عملاء ومرتزقة. لكنها اليوم، باتت تعاني رهاب السقوط والانهيار، ورهبة حقيقية عنوانها اليمن، تجسدها حال الارتباك الأمريكي تجاه اليمن وموقفه الإنساني والأخلاقي والديني مع فلسطين.
تعلم أمريكا علم اليقين حجم الكلفة الباهظة جدا لخوضها حربا مباشرة خارج حدودها. أدركت هذا من تجارب عدة لشن عشرات الحروب حول العالم منذ نشأت الولايات المتحدة الأمريكية إمبراطورية وريثة لإمبراطوريات أوروبا الإمبريالية، لعل أبرزها حربها في فيتنام ثم في أفغانستان ثم العراق وسوريا.
هذا الإدراك الأمريكي، هو ما دعاها إلى الإعلان على لسان رئيسها الأسبق باراك أوباما في ٢٠١٥ عن أن الحروب المباشرة مكلفة وغير عملية، والانتقال إلى استراتيجة شن حروب غير مباشرة عبر “دعم حلفائنا في مواجهة أي تهديد لمصالح أمريكا، في أي مكان بالعالم”، حسب قوله بحفل أكاديمية حربية.
وبالفعل، فقد جربت الإمبراطورية الأمريكية هذه الاستراتيجية مع اليمن طوال ثمان سنوات من الحرب العدوانية بواجهة (السعودية والإمارات)؛ لكنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أهدافها وحلفائها، في مقدمها كسر حركة وإرادة تحرير اليمن من الوصاية والهيمنة الخارجية، ووأد خطر مقاومته للكيان الصهيوني.
هذا الفشل، وليس “الحرص على السلام في اليمن وسلامة الملاحة الدولية وعدم توسيع دائرة الصراع في الشرق الأوسط”، هو ما جعل الإدارة الأمريكية مترددة طوال الأشهر الثلاثة الماضية في قرار شن حرب مباشرة على اليمن الحر. إدراكها تغير المعادلة وفشل أي حرب تشنها في تحقيق أهدافها.
تؤكد هذا، وهذه النتيجة الحتمية، دراسات وتقارير عدة صدرت لمعاهد ومراكز أبحاث سياسية وعسكرية أمريكية، أقرت بامتلاك اليمن الحر صواريخ باليستية ومجنحة ومضادة للسفن، تشكل تهديدا حقيقيا على السفن بما فيها السفن الحربية نفسها، وأن مخزون الأخيرة من صواريخ الاعتراض لا يكفي.
عواقب تحشيد أمريكا وبريطانيا إلى البحر الأحمر لحماية سفن الكيان الصهيوني وتأمين مرورها، بدلا من التحرك لإيقاف عدوان الكيان على غزة وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها بدعم ومشاركة أمريكية مباشرة؛ لا تتوقف عند تقويض التشريعات والقوانين والمواثيق الدولية والسلام الدولي.
تتجاوز عواقب العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن الحر، هذا الانكشاف والسقوط الأخلاقي، إلى تهديد أمن واستقرار دول المنطقة كاملة، والملاحة الدولية برمتها. هذا يعني تهديد الاقتصاد العالمي، بأزمات إمداد طاقة وغذاء وسلع، بدأت بوادرها تلوح في الأفق، وتنذر بانهيار اقتصادي كبير.
كما يأتي بين أبرز عواقب استمرار العدوان على غزة والتحشيد العسكري الأمريكي إلى البحر الأحمر، أكثر ما يفهمه الغرب ويضع له اعتبارا أكبر بكثير جدا من دماء البشر وأرواحهم، هي الخسائر المادية العسكرية والاقتصادية الهائلة والمحتومة، باعتراف مسؤولي وقيادات الجيش الأمريكي أنفسهم.
من ذلك، الكلفة الكبيرة لاعتراض سفن القوات البحرية الأمريكية، صواريخ اليمن البالستية وطائراته المسيرة “صاروخ قيمته مليونا دولار يطلق لاعتراض طائرة مسيرة بألفي دولار”. أقرت بهذا تقارير عسكرية بينت استخدام أمريكا ثلاثة أنواع من الصواريخ تتراوح كلفتها بين 4 ملايين ومليوني دولار.
يبقى الثابت، أن أبرز هذه العواقب تعريض أمريكا ومن يتحالف معها جميع مصالحها إلى الاستهداف المباشر. هذا كان وعيدا يمنيا صريحا، وهو ما بدأت إنفاذه القوات اليمنية، وبوتيرة تصاعدية، تجاوزت سفينة أسبوعيا، إلى سفينة يوميا، وقادم الأيام يحمل مفاجآت أكثر، وخسائر أكبر.. والله غالب على أمره.

أترك تعليقاً

التعليقات