سقف المصالحة؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

لا أحد ضد التسامح والتصالح فهما خير وأجدى من التجارح والتذابح، وتظل المصالحة أدعى وأوجب من المقاتلة. لكن الأمر كي يتحقق ويستقيم ويؤتي ثماره، يلزمه سقف عام يؤطره وبه يستظل المتصالحون. 
هذا السقف شرط مانع لتكرار أسباب الشقاق والنفاق، ورادع لإعادة تدوير عوامل التناحر والاحتراب، وضمان ألا ترتكز "المصالحة" على شراكة الحكم وفق طامة "تقاسم المناصب والمحاصصة في المكاسب"!
مثل هذه القاعدة للمصالحات، سبق تجريبها، وأثبتت بالبرهان الناصع والدليل القاطع، أنها تجلب المصائب وتعوم النوائب وتعمم الخرائب، لإعدامها المسؤول المخاطب عن أداء الحكم، والمحاسب عن اختلالاته. 
الواجب إذن، أن يكون للمصالحة الوطنية سقف وطني عام، قوامه: الثوابت الوطنية الجامعة والقواسم المشتركة لجميع اليمنيين، وعلى رأسها سيادة الدولة واستقلال قرارها ووحدة أراضيها والاحتكام لإرادة الشعب.
لا أعني بإرادة الشعب هنا، تلك التي جرى تعميمها في جائحة "الفوضى الهدامة" مطلع العام 2011 م، وارتكازها على اختزال الشعب وإرادته في حشود "شارع 40×100 متر"، تقودها نُخب الأحزاب ومراكز النفوذ.
بل أعني بإرادة الشعب، تلك الإرادة الغالبة لمجموعه، والحرة في التعبير، والقابلة للقياس في صناديق الاقتراع، لا في "ساحات براءة الاختراع".. صناديق أصوات الانتخاب العام لا صناديق رصاص الانقلاب.
الاحتكام لهذه الإرادة الشعبية الحرة في اختيار من يتولى إدارة شؤون حكمه ومصالحه العامة، وفق برنامج عمل فائز بثقته، وعقد عمل (دستور) واضح الحقوق والواجبات للحاكم والمحكومين وواجب الالتزام والنفاذ. ذلك هو السبيل الذي تواضعت عليه الأمم والشعوب، لطي صفحات الانقلابات والمجازر والانهيارات المصاحبة لها، وإغلاق بوابة الصراعات المدمرة للدولة ومؤسساتها، والمبددة لسيادتها ووحدة أراضيها واستقلالها.
دورات الانتخاب التنافسية في البرامج والشخصيات الإدارية، خير من دوامات الانقلاب التناحرية، ومتواليات الانتكاب والاستلاب، ومجامر الالتهاب، وجولات الخراب، وتعميم حال اليباب وسراديق الانتحاب العام.
ولنتذكر دائماً، ليست مشكلة اليمن في نظام الدولة وشكلها، كما يروج الطامحون في الحكم ولو مديرية، بل كانت وماتزال في الانقلاب على نظام الدولة، وتعطيل دستورها، والتفريط بسيادتها واستقلال قرارها الوطني.
ذلك هو أس المشكلة في اليمن وجوهر الإشكال وبوابة الاختلال.. إحلال الفوضى وتعميم الاعتلال والارتهان التام للخارج على حساب الامتهان الدائم للداخل، ومصادرة حق الشعب في اختيار حكامه ومحاسبتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات