حذار الأدعياء!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

تثبت تجارب الشعوب أن لا شيء نكبها أو أضر بها قدر ثقتها في من حسبتهم أكفاء وأكدت الأيام أنهم مجرد أدعياء. مثل هؤلاء لديهم مقدرة ادعاء المعرفة والخبرة والأهلية، لكن عمليا لا شيء لديهم عدا الادعاء، أما فعليا فهم عاجزون عن العطاء، ويجسدون المثل «فاقد الشيء لا يعطيه»!
لا يخلو مجال مهني أو حرفي من الأدعياء، وهم يتكاثرون في ظل ضعف سلطة فحص شروط شغل المهن والحرف، وغياب رقابة جهات الاختصاص الحكومية والنقابية على توافر شروط شغل الوظائف والمهن وحتى الحرف، ومعاقبة من يدعي مقدرة وخبرة أو يمارس صنعة أو حرفة من دون أهلية.
ينجح أمثال هؤلاء عبر مهارة الكلام المنمق وفهلوة الادعاء ومجالسة المقربين من صناع القرار في إقناع الآخرين بأنهم جديرون بالثقة، وتمكينهم من فرصة بتعيينهم في موقع قيادة وزارة أو مؤسسة أو هيئة أو مصلحة، ثم يبرعون في تسويغ عجزهم وفشلهم باختلاق المبررات ونسج الأعذار.
لا يكفي معيار الثقة والولاء في التعيين والتكليف بالمهمات. مطلوب أيضا المعرفة العلمية والخبرة العملية، يحتاج الأمر إلى جرعات نظام إضافية في شغل الوظائف، تضمن الكفاءة والجدارة والنزاهة والفاعلية، وتمنع تحول المعنيين إلى أعباء إضافية، تنكب على البحث عن مبررات التقصير.
نعم ظروف الحرب تحد في العادة من مقدار الامكانيات المتاحة واللازمة، لكنها لا تعدم إمكانية أداء الواجبات والمهام العامة لهذه المنشأة أو تلك، بتوفير الحد الأدنى من متطلبات عملها وتشغيلها، ولا تبرر التوقف عن أداء الواجبات والمهام، بدعوى انعدام الإمكانيات...
يحدث أن يستقطب أمثال هؤلاء الأدعياء عددا من أهل الخبرة والدراية والمقدرة والكفاءة، وينفقوا عليهم لإنجاز مهامهم وواجباتهم، وتقديم المشورات. لكن هذا يحدث فقط مع فصيل من الأدعياء لديه شجاعة الإقرار بأنه غير متخصص، وطلب المساعدة والاستشارة.
يظل هذا نادرا، والغالب إصرار الأدعياء على مواصلة الادعاء حتى بعد قفزهم لمناصب أكبر منهم، ولكي لا يصطدموا مع من يعري ادعاءهم، يعمدون إلى إقصاء كل ذي معرفة وخبرة وكفاءة ومقدرة، وتقريب من هم أدنى منهم معرفة ودراية وكفاءة، والنتيجة لا تغيير أو تطوير أو حتى مقدرة تسيير.
مطلوب جرعات نظام إضافية تضمن مراجعة سريعة لشاغلي الوظائف العليا والمتوسطة، والتحقق من توافر شروط شغلهم لها، وجعل شغلها بجانب معايير الكفاءة والجدارة والنزاهة والفاعلية، مقرونا بإلزام الخيارات المرشحة تقديم برامج عمل أولا لما تستطيع فعله في موقعها.
ذلك مقترح متجرد من أية مصلحة شخصية، ولا ينطلق من حالة وظيفية ما، بل من حال عامة كانت سائدة قبل الحرب ومنذ عقود، وماتزال بعض تمظهراتها قائمة مع الأسف في غير مرفق عام، ولا أدل من عجز أو فشل أو تعثر كثير من المرافق عن تطوير أدائها أو تجويده أو حتى استمراره لدى بعض المرافق.
وكي لا يذهب البعض بتفكيره الى تصنيف كاتب السطور في خانة «طالبي المناصب»، أطمئنهم أني ومن دون فخر لست من طالبي المناصب، وسبق لي الاعتذار عن شرف تقلدها، لأسباب واعتبارات عدة، بينها عامة كالأقدمية وبيئة وظروف العمل حينها، وخاصة تتعلق بظروف من رشحت خلفا لهم.

أترك تعليقاً

التعليقات