الحزب الهابط
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
من السهل جداً معرفة كيف يريد حزب الخونج تفريع معركته الإعلامية وتحقيق المكاسب من خلالها في هذه الفترة. وأنت تشاهد وتتابع قنواته الفضائية ومواقعه الإخبارية ومقالات كتابه، خصوصاً في ظل معركة تحرير مأرب من قبل الجيش واللجان الشعبية، تجد سعياً حثيثاً من هذا الحزب للنفاذ والتغلغل في عقول الناس عبر خطابات المظلومية والدفاع الوجودي يمنياً وعربياً عن ذاته أمام الآخرين.
لدى هذا الحزب الهابط كالحذاء توجه خاص يجهد من خلاله في رفع قيمة عليا لذاته في خضم هذا العدوان الذي دعا إليه هو، ومنذُ فبراير المخطوف أيضاً، تسعير المادة الإعلامية وتفصيص الكلام المُوجه لنقد كافة الأطراف اليمنية والعربية على حد سواء في قنوات الإعلام والمواقع والمطابخ المسمومة ليس جديداً، لكن الجديد بحد ذاته هو التراجع الخطابي الملحوظ والذي لم يعد يحوي قدراً كبيراً من الألفاظ التهديدية والحماسة الموازية للجهاد، فهذه المرة على العكس، يجنح إعلام الخونج إلى انتقاد العدوان، بطريقة انسيابية وجداً مخاتلة. لحزب الخونج أن يقدم كتالوج أعماله ودوره في الدعوة للعدوان ومدح سلمان والمملكة السعودية في بعض قنواته، كقناتي "سهيل" و"يمن شباب"، لكن كما يبدو جلياً له دور آخر في تقديم العدوان واستخدام الألفاظ الحقوقية والسياسية المتهجمة عليه في قناة كـ"بلقيس"، ما الذي يختلف هنا؟ هل الدور الأدائي للخلية التي توطن ذاتها في إسطنبول أم الخلية التي تحمل بذرة فنائها في السعودية واليمن؟
خطاب المظلومية هدف واهم، يدعيه الحزب منذُ زمن، لكنه لم يكن في العهد السابق كما هو الآن. خذلان الصديق العدو هو ما دفع جماعة الخونج لحمل قضيتهم على رأس عصا النزق السياسي اللعين. ولكن أي صديق هذا الذي يمكن تحديده بالتطابق والروابط المستقيمة، الذي اختاره الخونج في معركتهم ليكون عوناً لهم؟! إنها السعودية، لا شك في ذلك، العدو التاريخي لليمن، ومن لا يعرف ذلك جيداً لا يعرف تاريخ بلاده، ولذلك نجد مدخلات الإعلام الخونجي في هذه الفترة تتزايد بشأن قضية الحلف وقواعد العمل معه والمرامي والمطامع التي يريدون تحقيقها في اليمن.
في بداية العدوان أيضاً ادعى حزب الخونج المظلومية من طرف أنصار الله، وحاول تأليب جميع الأطراف ضد أنصار الله، وراحت قضية الثأر السياسي تعيد نفسها، لكن هذه المرة عن طريق استجداء الآخر، لذلك ورث هذا الحزب القضية لمتحزبيه لأجل ضرب طرف العمل السياسي الواحد والحق في الحياة معاً. المظلومية هنا لا يمكن أن يكبر لها ناب، لأنها بالأساس كانت سبباً ونتيجة ضمن تدافعات تاريخية لحرب الجنوب وحروب صعدة ضمن التعريفة الطويلة للمظلومية الأشد.
إن الخطاب الإعلامي الراهن لحزب الخونج والذي يرفع يافطة المظلومية إنما يريد به تحقيق التعاطف المجتمعي والقبلي معه والتسليم بأحقية حربه ضد الآخرين، وكذلك إثارة الانطباع الخاص بأن هذا الحزب له الحق بما أنه "محارب" من كل الأطراف.
تشكيل المظلومية كنسق هوية وكنظرية إعلامية قائمة بحد ذاتها، يعيد الثقافة إلى كانتونات أقرب إلى الخرافة والادعاء، فالحزب الذي شارك في العدوان لن يكون مظلوماً البتة، بل ظالماً، ولن يحمِي الشعب، بل سيقتله. والتعاطف مع هذا الحزب لن يجد محله من الإعراب السياسي، بل إن المستقبل نفسه -مهما تخاطر هذا الحزب الإرهابي في تزكية نفسه- سيكون وخيماً وحتفاً نهائياً سيتوج باستعادة مأرب وتطهيرها من دنسهم.

أترك تعليقاً

التعليقات