عن هِرة هريرة واليمن المُحاصر
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
للمقارنة بين هِرة هُريرة في أحد الأحاديث الواردة والتي دخلت امرأة النار لأنها سجنتها، وبين الشعب اليمني العظيم، نجد أن هذا الشعب لا يعني أو يمثل شيئاً أمام هذه الهِرة عند قلوب أصحاب العواطف الرخوة في منظومة رجال الدين التابعين للعدوان. قد تمتاز هِرة هريرة بذيل حيواني طويل، وقد يكون لهذه الهرة أيضاً مواء موسيقي لا مثيل له، لكن هذه الهرة ستبقى هرة، سواءً فرحت أم حزنت، وسواءً زاد طولها أم نقص، ولن يحدث لها ولا في مرة من المرات أن تفوق حجم شعب كهذا الشعب اليمني، شعب لا يقلد تدلل القطط واشتمام الموائد، وشعب أكثر من أن يُسجن وينتظر من يفك له القيد ليأكل من خشاش الأرض، شعب هو في الحقيقة لم يذكر في مساجد كثيرة مثلما ذُكرت قطة هريرة هذه.
إنه لم يعد يخفى على أحد من ساكني هذا العالم ممن يتابعون أخبار اليمن معرفة الكارثة الإنسانية وتضاعفها في كل مرحلة تمر، الكارثة الإنسانية التي تقاس تأثيراتها في الدقيقة الواحدة وليس بالسنة وبالشهور كما نظن ونحسب لها ويحسب لها العالم معنا. ليس من دقيقة تمر إلا وقد حصلت فيها كارثة إنسانية في اليمن، ورغم ذلك ما يزال العالم صامتاً، ليس هذا فقط، بل إنه ما يزال يشاهد ويدعم الكارثة الإنسانية بعدوانه وحصاره وبسياسته المُجرمة.
ومع هذا الإحساس، ورغم هذا الموت الآدمي المُتزايد جراء العدوان، ورغم تبعات الحصار وتفشي السياسة العدائية ضد الشعب اليمني من قبل أقطاب الشر الفاجرة والإمبريالية الموغلة في تخريب الحياة، ينقلنا السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بعظمة صدقة وبكفاحه المتفاعل والمندمج في صلب القضية الفلسطينية ضمن محور مقاوم لا يهادن ولا يلين إلى عمق العلاقة الوثيقة والإيمانية المسؤولة تجاه القضية الفلسطينية. صحيح أن هذا الشعب محاصر، لكنه في الحقيقة يقوم بفكفكة الشيطنة المُحاصرة له وعلى الشعوب الأخرى المستضعفة، اللقمة باللقمة حاضرة لأكلها معاً، والدم بالدم يمتزج أيضاً في مجرى شريان واحد.
لو قرأ رجال الدين التاريخ الإسلامي بصدق وقرؤوا سرديته الدينية التي نطق وتكلم بها الرسول الكريم (صلوات الله عليه وعلى آله) امتثالاً لخطابات العاطفة التي يريد البعض إحلالها من خلال التذكير بأحاديث كثيرة كهذه لن تتوافق وتتمايز تعريفات حقوق الحيوان كنص قانوني ونص ديني ثابت وحقوق الإنسان في ميزان الوجود. من يدعون أنهم يقتدون بسنة الرسول كان من المفترض بهم أن ينظروا ولو لوهلة إلى أقوال النبي عن الشعب اليمني، وهي أحاديث كثيرةً وعظيمةً، أن يحترموا العقل اليمني، وبأقل الممكن أن يساووا أطفال اليمن بقطة هريرة، أن يركزوا في الدم الإنساني المسفوح على قارعة النسيان وبين دم قطة هريرة المروية، لا أن ينظروا إلى دم اليمني وكأنه صلصلة طماطم أو رنج مطروش على وجه جدار.
إنّ من تفاهة العاطفة العالمية الكثيفة حين إلقاء نظرةٍ إنسانية تجاه اليمن، مفادها أننا لو حشرنا هذا الشعب اليمني كله في "ثقب هرة" أبي هريرة لن يتعاطف متلقي الأحاديث من الوهابية ولو النزر والشيء البسيط ويتأوهون أو يذرفون دمعة وفاء واحدة لأجلنا، لأجلنا كهرة ولو لمرة واحدة وليس كشعب من دم ولحم وعقل كرمنا الله به، وشعب حكمة ميزنا الله بها على سائر خلقه، بالطبع لا، ومشكلتنا أننا لسنا قططاً بل مخلوقات بشرية يمنية موالية لآل البيت والإمام علي والنبي محمد ولله سبحانه وتعالى!

أترك تعليقاً

التعليقات