الفرق بين القدرة والقوة
 

طه العزعزي

طه العزعزي / لا ميديا -
إن أكبر ضحكة يمكن لي إطلاقها بجنون يخرجني عن السيطرة، هي العودة إلى استماع ناطق التحالف في خطاب قديم له وهو يهدد باقتحام اليمن خلال أيام معدودة.
كان هذا الخطاب المائج والتهديد العسكري هو أسوأ خطاب يمكن أن يتقول به أفشل رجل عسكري في تاريخ الحروب. ولا حتى يمكن بهذا الخطاب تخويف دجاجة أو كسر بيضة.
وراء هذا التصريح الذي أدلى به ناطق العدوان، أهداف لم يكن أبداً الرهان عليها من منطق مغالبة ومن موقع تسلط وقوة، مجدٍ أو حل يمكن الركون له، فما هي هذه الأهداف والخيارات التي كانت موضوعة أمام أعين العدوان، والتي كان يعتبرها أهدافاً استراتيجية لتصبح على رؤوسهم كطعنات الخناجر؟
مؤخراً، في الدريهمي، يتم كسر الحصار بشكل غير مسبوق وتحقيق نصر وإنجاز عسكري يُمكن من الاندفاع أيضاً صوب الأماكن والقرى التي لم تخضع لسيطرة تحالف العدوان وأدواته. في هذا الانتصار بالتحديد يفشل الرهان والهدف الذي حاول "العدوان" من خلاله تثبيت سيطرته على الأرض وكسر أي تقدم للجيش واللجان الشعبية، وهو الحصار الذي جعل المقاتلين أشد صلابة، وهو الذي أنتج فيهم الحماس المعنوي وصنع فيهم الاندفاع الهجومي لتحرير الدريهمي.
وإذا عدنا قليلاً لمعارك مأرب، سنرى كيف أن العدوان كان يراهن على الوضع الاندفاعي في اختيار المركزية العسكرية للهجوم. كانت مأرب أحد هذه المراكز العسكرية، وقد لعب فيها الإصلاح الدور الأكبر في إدارة المركزية، وفيما هو واضح أن تحرير الجيش واللجان لهذه المدينة سيساهم بشكل فعال في ضرب القوة التي راهن عليها العدوان في أخصب أماكن وجودها.
وبالعودة إلى المعركة الكبرى بشكل عام نجد أن العدوان كان يظن في استهدافه للبنية التحتية وتدميره الاقتصاد واستهداف المجتمع وتدمير كل وسائل الراحة والعيش وقتله للإنسان (رجالاً ونساء وأطفالاً) وحتى استهدافه للحيوان والشجر، نجد أن العدوان كان يظن أن ذلك سيسهل له السيطرة وأنه بذلك الدمار يبسط جناحي راحته على الجو والأرض.
ختاماً، نؤكد أن العقل العسكري في بداية العدوان ذهب إلى المقارنة بين ما يمتكله التحالف من قوة عسكرية وسلاح مطور وفتاك وما يمتلكه الجيش واللجان، فبدأ يضرب الترسانة الصلبة للسلاح والقواعد والمعسكرات في كل مكان كإضعاف لمركز القوة العسكرية الصلبة، أي ضرب مركز القوة لإضعاف القدرة على المقاومة. هذه الأخيرة (القدرة) هي التي يمكن لها فيما بعد اللعب في الحرب بطريقة حاذقة جداً. القدرة ما أمكن تستطيع بناء القوة وإعادتها حتى من العدم. القدرة على الإرادة في خوض الحرب حتى بالخنجر أو بالحجر كما ظهر في إحدى أبرز آيات الحرب هذه في مواجهة العدوان عند "أبو قاصف" في البيضاء، هل هي القوة التي تستخدم القدرة أم أن القدرة هي التي تستخدم القوة؟ وحتى وإن كانت قوة وهمية أو سلبية فيمكن تحويلها بشكل مثير. مثال على ذلك: تظهر الولاعة كالحجر أيضاً والمجاهدون يحرقون بها أعتى أسلحة الدمار. صحيح أن العدوان كان يمتلك القوة، لكنه كان يفتقد للقدرة على استخدامها، وعلينا أن نعلم أن القدرة رأس حربة جسمها الدافع هو الحق.
داروين لم يكن صادقاً في نظريته الغابية: "البقاء للأقوى"، ولم يكن العدوان جيداً في تصديق قانون الغاب، لقد كان سلحفاة في كل اقتحاماته. إن هذا الكون البتة غير منفلت، يحكمه الله سبحانه ويديره.
أخيراً، كم أتمنى أن أضع على قبر داروين ولاعة وحجراً!

أترك تعليقاً

التعليقات