إسماعيل علي

 في الـ14 من أبريل العام الماضي، أضاف إلى سجله الأسود قراراً تفوح منه رائحة الموت، فبعد مرور 18 يوماً من عدوان جائر على اليمن، صدر القرار الأممي 2216 الذي تزدحم صفحاته بآلاف المفردات من الشجب والتجريم والتحذير والإدانة، لتُترجم إلى أطنان من المتفجرات والأسلحة المحرمة تصب على رؤوس الأطفال والنساء العُزل؛ فقد لا تخلو منطقة يقطنها أُناس إلا وتجرعوا حمم قراراته المشؤومة. 
إنها شرعية الغاب التي تحمي الشعوب من التحرر والاستقلال، هي نفسها التي تحمي الجلاد من الضحية؛ فكان مفاد هذا القرار ما قاله العسيري في سياق الرد على بعض المنظمات الحقوقية التي أدانت باستحياء بعض جرائم العدوان السعودي على اليمن؛ حيث قال: (نحن نقتل الشعب اليمني وفق القرار الأممي 2216).
الآن مرحلة جديدة للحرب ببروز دور المنظمات الحقوقية والإنسانية بإيعاز من النظام العالمي الذي حمل على عاتقه إدارة الأزمات؛ فنحن على يقين بحتمية المرحلة، وهي الحلقة الثانية والمرحلة الثانية للعدوان بشكل جديد وفن جديد وأسلوب جديد... فلا نخدع بزيف أبطال المرحلة.
فما يقومون به ليس من أجل سواد عيون اليمنيين! بل وسيلة أخرى مضللة بقدر ما هي مستغلة؛ لكسب مزيدٍ من الأموال، وذر الرماد في عيون شعوبهم التي أفاقت من سباتها، بمطالبة حكامها بعدم بيع السلاح للنظام السعودي.
وبعد قراءة لبعض نقاط القرار لفت نظري التناقض العجيب في أغلب بنوده؛ فقد جرم الاستحواذ على الدولة بقوة السلاح... حسناً! قبل أن أتحدث عن هذه النقطة لديَّ بعض التساؤلات التي تعصف بذهن الملايين من قاطني العالم..
من أعطى الـ15 دولة الحق بالتحكم في مصير ما يقارب ثمانية مليارات إنسان؟ من أوصل هذه الدول إلى قمة الهرم العالمي؟ أية شرعية تستندون إليها للتحكم في القرار العالمي؟ أليست شرعية الغاب التي حصدت أرواح ملايين الأبرياء في أوروبا، وشرق آسيا، والقرن الأفريقي؟ أليست ملايين القاذفات والصواريخ، وجنازير الدبابات التي سحقت عظام الأطفال في أكثر بقاع العالم؟ من المسؤول عن هيروشيما وناجازاكي سوى هذا النظام الذي يصادر حرية الشعوب، واستقلالها، وثرواتها، وثوراتها باسم الشرعية استغلالاً؛ لاغتيال وعي الشعوب؛ بالتزييف والتضليل بعناوين براقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب..؟!
فالنقطة التالية من القرار تنص على حماية الشعب ووحدة أرضه واستقلاله، هي كفيلة بأن تكشف عن محض كذب وزيف القائمين على القرار، فألوية الجانجويد، والجيوش السعودية والإماراتية، وبلاك ووتر تغرق في رمال اليمن... فأين الشعب وأين الأرض التي تتحدثون عن استقلاليتها ووحدتها...! فكم طفل قتل، وكم دار هدمت على أروس قاطنيها، وكم مدرسة حُرم روادها من متابعة تعليمهم، وكم مشفى أغلق أو هدم في وجه مرضاه... فكل هذا يحدث ضد شعبٍ أعزل منذُ عام في ظل قوانينكم وتشريعاتكم، لا لشيء، إلا لتعطشه للحرية والاستقلال والعيش الكريم على تراب وطنه.
إذا كان كل ما يجري وما يحدث لحماية القانون والتشريعات المزعومة؛ فما قيمتها! ما قيمة القانون الذي يقتل الإنسانية ويصادر حقوق الإنسان...! إنها الليبرالية المتطرفة التي تحفر للإنسانية قبراً.
بات على شعوب العالم، ومنها شعبنا اليمني بكل أطيافه ومكوناته، أن تعي ما يجري، وأن تستوعب خطورة استمرار هذا النظام العالمي الذي يحول كل حقوقهم إلى شركات تدار من قبل مُستغلي النظم والتشريعات؛ لتدر الأموال لمصلحة أسر معينة ومحددة على حساب الشعوب وقوتها المادية والمعنوية، وحتى بدمائها.

أترك تعليقاً

التعليقات