مليشيا أنصار الله ونظام الأسرة
 

إسماعيل علي

 لست ممن يجيد المديح ويحسن حرفة تلميع الأحذية! لكن حريٌّ بي كعاقلٍ مدركٍ أن أفصح عن الحقيقة، كون الحقيقة ـ إن صح التعبير - حقيقة نسبية، هي من يدافع عنها بإزالة القشور والصدأ المتراكم عليها منذُ إيحاءات الشيطانية للإيقاع بالإنسانية في شركها وحتى اللحظة..!
فمفهوم النظام عبارة عن منظومة من القوانين والتشريعات منبثقة من الموروثات والأعراف والمقدسات؛ لغاية معينة ومقاصد محددة متعارف عليها بالتراضي، سواء لفردٍ، أو جماعةٍ أو أمة، بالمقابل لذاتٍ، أو شعبٍ أو قُطر... توحي هذه المنظومة بمداليل معينة أهمها ضبط كل متقيد بهذا النظام وفق مسارات متزنة عقلية إطارها العدل - مثلاً في النظام الديمقراطي كيف يساوي بين صوت المفكر وبين صوت الإنسان العامي - لا المساواة..
بيد أن كل عاقل يرى أهميته ودوره ومقاصده، كون أن الكون مبني على منظومة متزنة منضبطة بنواميس وضوابط كونية... إلخ؛ فلا بديل للنظام إلا الفوضى والعبثية... لكن علينا أن نميز بين النظام والقائم على النظام والمُعمل للنظام.
نحن اليوم نعيش أمام نموذجين: ما يسمى ميليشيا أنصار الله، ونظام الأسرة السعودية، فهذا النظام من أسوأ الأنظمة في التاريخ البشري، حيث أثبت للعالم بكل سقوطٍ ووقاحة، بشاعة إجرامه وإرهابه الذي يمارسه ضد شعبٍ أعزل بكل أنواع الأسلحة، وبكل الوسائل البشعة التي تلغي إنسانيته؛ لأنه تجرد عن الأخلاق التي يرتقي بها الإنسان إلى الإنسانية. كما عرَّى منظومة النظام العالمي التي خلفه؛ بأنها بلا أخلاق ولا قيم، فهذه الضوابط (الأخلاق والقيم) تتلاشى عندما تتصادم بالمصلحة الغربية؛ فلو كان ذاك النظام الذي يمارس الإرهاب منذُ تأسيسه ضد قيم الإنسانية، في خانة الخصيم أو المناهض للمصالح الغربية، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولرأينا قاعات الاجتماعات مزدحمة بقادة وصحفيي تلك العواصم؛ للتنديد والشجب وإصدار القرارات بوقف هذه الإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الأسرة ضد الإنسانية في اليمن.
نحن على يقين بعدم حدوث مثل هذه الحالة في ظل تلك المنظومة؛ لأن الضمير العالمي مرهون بالمادة على حساب القيمة، فحيثما وجدت المادة وجد النظام العالمي الرأسمالي الامبريالي الذي يحتضن أنظمة الجور والرجعية والاستكبار..
فكيف لعاقل في هذا العالم أن يقبل بنظام يرأسه واحد من اثنين: إما ملك عجوز طاعن في السن إلى حد الهوس، أو سفيه مراهق لا يعي ما يفعل، يتحكم في رقاب الناس بجنون حسب شهوته ومزاج طفوليته.. بعد هذا كيف لنظام عالمي يتعامل مع هكذا أنظمة تعبث بماضي، وحاضر ومستقبل أجيال ليلاً ونهاراً، منكلاً بكل مقدرات وموروثات ومكتسبات ملايين من البشر دون حسيب أو رقيب؟! بل وعلى كل هذا يوكل إليه ملف التحقيق وتقصّي الحقائق في ما ارتكبه من جرائم حرب بمحض إرادته وبآلاته الحربية وبأمواله، لا جديد..! فإنسانيتهم مرهونة في أنابيب النفط.
حتماً هناك فرق جلي بينه وبين ميليشيا أنصار الله من كل الجوانب وفي كل الأبعاد، وما تمارسه هذه الجماعة أذهل العالم من نضج في فكرهم السياسي والإعلامي والحربي.. على العكس من تلك الجماعات التي هي بذاتها ظاهرة لتك الأنظمة؛ كردة فعل على ما يمارس ضدها من إرهاب فكري وإعلامي وسياسي، فهي نتيجة وضحية في آن معاً لتلك الأنظمة. 
إنها تتمتع بقدر عالٍ من الوعي والإدراك والعدل؛ فلديها منهج فكري إنساني روحه العدل، كما تتمتع برؤية ناضجة في بناء العلاقة والوصل مع الآخر في إطار المعاهدات والمواثيق التي تحفظ إنسانية الإنسان، وتحمي الحقوق والحريات في إطار المسؤولية.
فجدير بالنظام العالمي أن يفتح مع هذه الجماعة النوافذ؛ لأنها أهل لذلك لما تملكه من قيم، ومبادئ، وثوابت وأخلاق ـ تفتقدها الكثير من الأنظمة، وعلى رأسها نظام بني سعود ـ تلتقي عليها معظم البشرية.

أترك تعليقاً

التعليقات