الكويت مجدداً...!
 

إسماعيل علي

بعد 36 عاماً من استضافتها حواراً يمنياً يمنياً أفضى إلى توحيد شطري اليمن، وبعد عامٍ من عدوان عسكري سعودي على اليمن، أدى إلى انتهاك كل قيم الإنسانية الأخلاقية، جاعلاً من الأعراف والقوانين الدولية والعهود والمواثيق بين الأمم مجرد ألعوبة ومطية للنيل من مكتسبات ومقدرات وموروثات الشعب اليمني، تستضيف دولة الكويت حواراً يمنياً سعودياً برعايةٍ أُمميّة، منتصف الشهر الحالي... 
ثمة قوة خفية تدفع بالكويت للقيام بدور الوسيط والمنقذ في تقريب وجهات النظر وحلحلة بعض القضايا المصيرية. 
ربما لا يكون للعصبة الأممية الدور الفعلي؛ لأنها أحوج لمن يرعاها أكثر من أي وقت مضى...! كما أنه قد لا يكون لدولة الكويت نفس الدور المزعوم؛ لعدة أسباب:
- ليس لها القدرة على القيام بهذا الدور لعدم ثقلها في النظامين الإقليمي والدولي. 
- كونها البنت المدللة من قبل السعودية، تضطر لحماية كيانها بمعالجة ما خلفته آلة الحرب السعودية، بتعويضات اقتصادية ومعالجات سياسية؛ لأنها تعلم أن وراءها ملكاً يأخذ كل سفينة غصباً. 
- جيوسياسيتها المتأرجحة بفعل عوامل داخلية وخارجية، وضعتها موضع التابع المتأثر لا المؤثر. 
فمن خلال هذا التدرج نستطيع أن نصل إلى مدخل للإجابة على بعض التساؤلات:
- ما سر تمسك السعودية بالكويت بالتحديد؟ 
- لماذا لم تستجب السعودية للطلب الألماني لحل النزاع اليمني السعودي..؟ هل ضاقت الدنيا بأسرها لاستضافة هذا اللقاء؛ فلم يجد سوى الكويت...؟ 
يبدو لي أن الإجابة واضحة:
(النظام السعودي لا يحتمل أن يخرج اليمن من دائرة الفلك الخليجي، بالأصح السعودي)؛ وإلا لماذا كل هذا الخراب والدمار...؟
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، السعودية لن تألو جهداً للحفاظ على حديقتها الخلفية بالإبقاء على الصراع داخل الشعب اليمني، بشتى الوسائل والطرق الممكنة لتحقيق هذه الغاية. 
فما يُخشى اليوم بعد فشل السيناريو الليبي المراد من عاصفة الحزم في اليمن؛ بالالتفاف على مكتسبات الشعب، بتكييف الأجواء لميلاد سيناريو يشبه السيناريو اللبناني (المحاصصة بين القوى السياسية والمكونات الاجتماعية) على أُسس مذهبية وحزبية وجهوية... مما يؤسس للصراع الدائم والمستمر بين كل مكونات المجتمع اليمني، بحيث تدار الأزمة عن بعد؛ لضمان البقاء في الفلك الخليجي.. 
جل ما أخشاه أن يخسر الشعب اليمني كل ما اكتسبه خلال ثلاث ثورات من ثورة 26 سبتمبر وحتى ثورة 21 سبتمبر، مروراً بمخرجات الحوار الوطني، وانتهاءً بصمود طيلة عام في وجه أعتى الجيوش، بدماء شهدائه الأحرار؛ للحفاظ على مكتسبات التغيير...
نحن على يقين بحكمة ودراية القوى السياسية المفاوضة؛ كونها على قدر عالٍ من الفطنة السياسية، بحيث إنها ستوظف كل طاقتها المعنوية، والمادية، والوطنية، وإيمانها بعدالة القضية؛ لما يخدم الشعب اليمني، بالحفاظ على مكتسباته الوطنية والثورية، والتمسك بالسيادة الكاملة والاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري... فإلانسان اليمني قد ضحى كثيراً؛ لنيل وسام الاستقلالية وعدم الارتهان لقوى الجهل والتخلف والاستبداد.

أترك تعليقاً

التعليقات